الاثنين، 16 ديسمبر 2013

( 4 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 4


      .. فقط وافقت على دعوتها للعشاء ليلا !

   لم يتم تحديد أى موعد لذلك العشاء الذى وافقت على حضوره معاها , فقط أقترحت و أنا أمنت ثم أنسحبت إلى شقتها و بقيت فى مكانى لعده ثوانى أستجمع ما وقع منىِ و ما رحل معاها , مسمار جديد يُدق فى قلبى , فأنا أعرف هذه البدايات جيدا , أقتراب مع حذر كطفل مزعج يدق جرس شقه و يجرى صاحبها سمين و أقرع , يجلس بملابسه الداخليه بعد عودته من العمل , يسب و يلعن طوال الوقت كأنه يقضى سنين حياته كمسجون محكون عليه بالمؤبد , هى الطفل المزعج و أنا أدخن سيجاره أمام نافذه غرفتى و بجانبى أغنيه تنبعث من سماعات جهاز التسجيل , مع الوقت أصبحنا أصدقاء فهو يقضى معى ليالى طويله أعانى فيها من البرد و الأرق و مهاجمه الذكريات من حين إلى أخر !

   المطر بالخارج ينهمر بشده و صوت الرعد يكاد يصم أذنى و ينتزع أحشائى , البرق بنوره الابيض يرسمنى على الحائط , يرسم كأئن لم يعرف للراحه موطن ولا للسلام الداخلى جنسيه , ينظر إلى وجهه فى المرأه و يلتقى فى كُل مره غريب جديد يجاهد لكى يستوعب ملامحه , حزنى نشع على هيئتى , أصبح من ينظر إلى يقول لى لماذا أنت حزين اليوم ؟ , ربما تقصد لماذا لست حزين هذا اليوم ؟ , لقد توقفت عن سؤال نفسى هذا السؤال , لم أجد رد و لم أجد من يهتم , بطريقه أو بأخره أصبحت محبوسا فيما مضى , توقف مخى عن أستقبال أى مثيرات جديده لأنشغالها بأشياء قديمه , المضحك فى الامر أننى لم أعد أستطيع السيطره على أى عضو من أعضائى , تفكيرى مشغول بما مضى و عقلى توقف عن العمل و قلبى أنكسرت عصاته و أصبح يزرف مشاعر كثيره أرى أثارها على سريرى كُل يوم عند أستيقاظى من النوم , أما روحى فهى ملك ربى أضعها كُل يوم تحت أرجله لكى يقبلها قبل وقتها , يبقى أنا , ذلك المُتعب , البارد , الانانى , العنيد , الذى يضع النهايات ولا ينتظرها تحدث , نهايات كثيره كتبتها وحدى , وجود أسمى وحده على تتر النهايه يكفى , دور المظلوم لم يعد يليق بى , ما يثير دهشتى أن كُل منا يبكى على ليلى و لكن ليلى لا تبكى على أحد و هنا موطن قوتها !

   ضوء البرق الابيض المتسارع يشبه سياره أتيه من الامام تقلب أنوارها لتحذيرك بأن هناك ردار يلقط السيارات المسرعه و لكن ذلك النور لم ينبهنى بأن هناك من يقف خلفى , يلمع شبحه بزجاج النافذه كلما أضاء البرق الغرفه بنوره , سقطت سيجارتى بعد أن أطفئتها بروده الجو و بكل هدوء نظرت إلى أسفل أستعدادا لرؤيه من سيهاجمنى من الخلف , قبل أن أرفع عينى وجدت أصابع أرجل مطليه بالون لم يترك ذاكرتى يوما , تلك الاصابع المخروطه بعنايه ملك واحده فقط هجرتنى منذ سنوات و تركتنى قطعه أرض خربه غير صالحه للزراعه حاول الكثير أستصلاحها و لكن مراره مياهها الجوفيه جعلتهم يرحلو بلا أمل ولا رجعه , ركبتيها و وركيها و ما بينهم أكد لى أنها هى , تلك البطن الملساء و الخمس نجوم حول سُرتها و نهدين كما الشمس و القمر يدوران بثبات , كيف لا تشعر بالبرد و هى تقف عاريه أمامى ؟ , كيف لا أشعر أنا أيضا به ؟ , لم أنسى تلك الابتسامه المرسومه على شفتيها الان و لم أنسى نظره عيناها الممتلئه بالحنان , لم أنسى أن أقترب منها أكثر و أكثر !

   لم أنسى أن أخبرها عما حدث لى خلال سنوات بعدها و كيف تمنيت قدومها عند كُل مسمار يُدق بقلبى كى تنزعه و تداوى جرحه , فهى أفضل حبيبه يمكنها علاج جرح قلب كانت هى أول من جرحه , هممت بفتح فمى للكلام حتى وضعت يديها التى دائما كُنت أقبلها و قالت بصوتها المبحوح كلام كثير لم أفهم منه شئ بقدر ما شعرت بشئ من السعاده , سعاده أفتقدتها منذ رحيلها عن عالمى , عالمى الذى توقفت عقارب ساعته فى لحظه خروجها , للحظه لمحتنى و انا ممسك بيدى وسطها و سلسله ظهرها كنهر سريع الجريان و شعر يهيم بدلال على كتفيها , لمحتنى و رئيت ملامح أفتقتها فى وجهى منذ زمن , ملامح ذلك الشاب الهادئ الساكن الذى يعيش فى سلام مع نفسه و مع من حوله , للحظه ردت الروح إلى !

   بدون سابق أنذار وضعت يديها على صدرى و همت بتقبيلى و بدون تردد أنسبت كشلال مياه بين شفتيها , أفتقدت طعم التفاح الذى يسيل من بينهم و الشعور بسخونه أنفاسها و التنهيده التى كادت تشق صدرها نصفين , كُل شئ توقف , المطر و الرعد و نور البرق الذى أنطفئ , أساس الغرفه الذى تبخر و لم يعد له وجود , الحوائط الاربعه التى أصبحت بشكل مفاجئ دائريه , الهواء الساخن الذى بدأ يداعب أطرافى و أغنيتها المفضله التى أنطلقت فى المكان , لون الشمس البرتقالى بدء يحل فى هدوء و عوده الحوائط الاربعه مره أخرى و لكن هذه المره حوائط خشبيه و سقف مرتفع على هيئه مثلث يوجد به نافذه ترسل أشعه الشمس فوق سرير يحملها و يحملنى فوقها , يديها تعانق رأسى و أرجلها متشابكه أسفل ظهرى و أبتسامتها و نظره العين الواثقه لم تلمع بهذا الشكل من قبل , أستمر حديثنا الصامت كثيرا كأننا سوف نبقى هنا إلى الابد !

   خلال مراقبه تعابير وجهها و السعاده المرسومه عليه , أغمضت عينها و عضت على شفتيها و أنهمرت الدموع منها ثم فتحتها مره أخرى و هنا أنطفئ نور الارض بغته , من شده الالم فتحت عينى حيث وجدت نفسى ملقى على أرضيه غرفتى و النافذه مفتوحه عن أخرها تطيح بها الرياح يمينا و يسار و المطر ينهمر علىِ حتى أغرقنى , تحاملت على نفسى و على الوجع فى محاوله للقيام لغلق تلك النافذه , بعد غلقها ترنحت حتى الحمام و أفرغت ما فى معدتى و نظرت فى المرأه , وجدتى شاحبا و خلال ثوانى سوف أسقط مغشى علىِ , لم أكمل تفكير حتى شعرت بحجر كبير يسقط على رأسى من الخلف و من بعدها أسود كل شئ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق