الخميس، 23 أبريل 2015

لماذا لم أصبح (دولاب) ذلك اليوم ؟



   عندما تشعر بالملل اذهب إلي زاوية غرفتك و تظاهر بأنك (دولاب) و بما انني اصبحت اكره الجلوس بغرفتي كُل يوم بعد العمل و بعد رساله قصيره من صديقتي القديمه لرؤيتها و احتساء مشروب دافئ معاً ، قررت ان اتخلي عن التظاهر بكوني (دولاب) اليوم و أرتديت ملابسي و انطلقت إليها .

   خلال الطريق إلي المكان المحدد لم اكن اجد سبباً مقنعاً لرغبتها في رؤيتي ، لم يكن اللقاء الاخير جيداً ، طوال جلوسي معها لم اعلق علي اي شئ مما قالته لي ، كُنت مثل الكرسي الذي اجلس عليه ربما افضل منه بقليل ، كان ذلك منذ سبعه اعوام و ها نحن الان نلتقي مجدداً .

   رائع يبدو ان المكان ممتلئ عن اخره ، اعشق ان اجلس بمكان مزدحم رغم انني من عشاق الوحدة ، اخرجت هاتفي من جيب البنطال و استدعيت رقمها طالباً منه ان يقول لي اين هي وسط كُل هذا الكم من البشر ، اين هي يا قطعه الحديد الباليه عديمه النفع ؟ ، اللعنه علي التكنولوجيا و قبل ان يقر و يعترف رفعت يديها ملوحه لي ، انا هنا .. انا هنا ، انتي هناك و انا هنا ، حسناً شققت طريقي بين الطاولات و كراسي الجالسين حتي اقتربت منها و علي وجهي ابتسامه صفراء لم استطيع اخفائها .

  قبل ان اجلس و قبل ان افتح فمي عاجلتني بقبله علي وجهي و عناق قصير هذا ما يقولون عنه (السلام اللبناني) شئ يبعث بداخلك الراحه و الهدوء فأدم مازال يبحث عن ضلعه المفقود داخل حواء حتي هذا اليوم ، اثناء جلوسي اختفت الضحكه الصفراء و تملكني الخجل لثواني قليله تعرقت لها جبيني ، لست خاماً و لست محترماً و دائماً مطلق العنان لفمي ينطق بأبشع الكلمات إذا لزم الامر لذلك و لكنني لم اعد افضل الاقتراب من ذلك الجنس ، حياتي لا يوجد بها نساء ، جميع رغباتي انتهت ، اصبحت زاهداً في الحياه ، حياه قاسيه لرجل في الثلاثين مازال شاباً و لكني لست كذلك .

- كيف حالك صديقي ؟
- بخير ، ما تبقي منيِ .
- انت كما انت ، لم تتغير ، لحيتك ، شعرك الاسود و خصلتك المتدليه منه ، القميص و البنطال و نوع سجائرك المفضل .
- اكره التغير .
- ااااه ، سبعه اعوام ، هل تتذكر ؟
- اجل ، اخر لقاء لنا كان منذ سبعه اعوام .
- كان لقاء رائع ، اكثر من رائع .
- ههههههههههه ، اجل لقد اديت دور الكرسي بطريقه محترفه .
- ههههههههههههه ، هذا ما اجده رائعاً بك ، اعترافك بالحقيقه .
- ليس في كل الاوقات يجب قول الحقيقه .
- صحيح .
- ها ، ما سبب ذلك اللقاء المفاجئ ؟
- اولا ماذا تريد ؟ قهوه ام شئ اخر ؟
- لقد توقفت عن شرب القهوه منذ فتره ، من فضلك اريد ليمون .
- اجعلهم اثنين من فضلك ، شكراً .
- نعود مره اخري للسؤال ، لماذا ؟
- لم استطيع ان اجعل الامر يمر هكذا ، هل تتذكر قبل ان نجلس في ذلك المكان منذ سبع سنوات اين كنا ؟
- داخل شقتي .
- هل تتذكر ما حدث ؟
- انتي تعرفين ماذا حدث ، لما كل هذه الاسئله ؟
- انا اعلم ان ذاكرتك سمكيه تنسي الكثير من الامور .
- نعم اتذكر ، طوال السبعه سنوات لم يفارقني مشهد حبورك بعد اكتمال النشوه و كيف تقفزين علي السرير في سرور و بهجه و انتي تحاولين ان تساوي شعرك بيدك ثم تلتصقين بي كهزه صغيره تبحث عن الدفء و الامان ، عندها كنت افرح كثيراً ، لاني استطعت ان امنح معشوقتي ما يليق بها من مسرات الجسد ، كما وهبتني هي سعاده لا مثيل لها و اختفت سبعه سنوات و تجلس امامي الان لتذكرني بما لم استطيع يوماً ان افقده من ذاكرتي ، لماذا اتيت اليوم لرؤيتك ؟ ، لماذا استجبت لتلك الرساله المقتضبه منك ؟ ، لماذا لم اكن (دولاب) هذا اليوم ايضاً كما كنت في الايام السابقه ؟
- لقد كنت خائفه ، اجتهدت كثيراً حتي امهد لك ما سوف افعله ، تلك الجلسه ، ذلك المكان ، صمتك و عدم تعليقك علي حديثي منذ سبع سنوات اخذت القرار و نفذته و لكن الان ...
- لا يوجد الان ، اصبح لا اصلح للعلاقات العاطفيه و فأنا مختل عقليا و اتعاطي المخدرات و بداخلي جني ايضا .
- ماذا ؟ ، انا فقط اريدك في حياتي ، مره اخري .
- يبدو ان عقلك في مؤخرتك الرائعه من كثره الجلوس عليه لم يعد يعمل .
- ماذا تقول ؟!
- انتي فتره من الحياه و انتهت ، سوف اعود إلي سابق عهدي ، لا احب احد و لا انتظر احد ولا اتعلق بالناس او الاماكن .. او الاشياء كثيراً
- لا ترعبني الكلمات التي قولتها ، الذي يرعبني الكلمات التي لم تقولها بعد !
- عزيزتي اتقن جيداً كيف ابتعد و كيف يصبح حديثي بارداً و كيف تصبح كلماتي قاتله .
- مازلت اريدك .
- و انا لا .
   
   سمحت لها ان تذهب اولا حتي لا اتركها وحدها و ارحل ، اخذت نفساً عميقاً و كأني انتهيت من تلك العلاقه الان و ليس منذ سبعه سنوات ، اخرجت سيجاره و اشعلتها و زرفت انفاسها في هدوء ، هدوء ما قبل العاصفه ، انا بخير و لكني ادور في حلقات مفرغه بنفس قصير ، ما زلت احتفظ بروتيني اليومي الممل و بعاداتي السيئه ، بضعه سنوات اخري و لن اجد نفسي ، يجب ان يتوقف هذا كله ، نقطه ...


و من البدايه !