الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

( 11 ) الهروب الكبير ! - خريف 2009 - جزء 4


اليوم التالى ...
   نظرت إلى سقف الغرفه أراقب رقصات أشعه شمس الصباح عليه فى محاوله لفهم ما يحدث لى الأن , أولا من لا تكف عن ملاحقتى و أصرارها على قتلى من بعد الحادثه و فى كل مره أفلت منها بأعجوبه كأن ملاكى الحارس دائما على أستعداد , ثانيا الحسناء التى حلمت بها أثناء نومى , لم أعد أستطيع التحمل أكثر من ذلك , الصداع يحتل رأسى المسكينه نصف أبراجها وقع و النصف الأخر هدم بأمر أزاله الا واحدا فقط تبقى أسكن به , أين سجلت رقم دكتور (عادل) ؟!
   القاهره و زحامها أصابنى بالجنون , ربما الذهاب إلى الأسكندريه الأن أنسب حل , تغيرا للجو و الحاله و الاستمتاع بمشاهده الغروب على الشاطئ , طوال الطريق لا أفكر فى شئ سوى المكان الذى سوف اذهب إليه الان , أحساس غريب أشعر به كلها سمعت أسم تلك المدينه الساحره , يربطنى بها شئ خفى لا أعرف ما هو كأننى من هناك !
   "الاسكندريه موجه حب على ارض مصر" عباره مكتوبه على نفق "كيلوبترا" .. باقى أقل من نصف ساعه على غروب الشمس , أسرعت حتى عبرت شارع "ابو قير" من منطقه "رشدى" إلى الكورنيش , كورنيش الأسكندريه له طابع خاص عن أى كورنيش أخر , هواء البحر المحمل بماده "اليود" التى تنعش الصدر و تطيل العمر , الصيادين و سيارات الميكروباص البيضاء و الحمراء التى لا تنتهى و التاكسى الذى يحمل اللون الأسود و البرتقالى و أغنيه "منير" ...
يا اسكندرية
يا إسكندرية بحرك عجايب
ياريت ينوبنى من الحب نايب
تحدفنى موجة على صدر موجة
والبحر هوجة والصيف مطايب
اغسل هدومى يا إسكندرية
وانشرهمومى يا إسكندرية
على شمس طالعة وانا فيها دايب
كأنى فلاح من جيش عرابى
مات ع الطوابى وراح فى بحرك
كأنى نسمة فوق الروابى
من البحر جاية تغرق فى سحرك
كأنى كلمة من عقل بيرم
كأنى غنوة من قلب سيد
كأنى جوة المظاهرة طالب
هتف بأسمك وراح معيد
ياإسكندرية يا مصراوية
على سن باسم
على ضحكة هلة
البحر شباك ومشربية
وانتى الاميرة ع الدنيا طلة
وفيكى خمرى يا اسكندرية
سلمت أمرى يا اسكندرية
مقدرش اشوفه
وما اغنيلوش
يا إسكندرية عاشق وبدى
ارتاح فى حضنك الود ودى
يكون كلامى عربون غرامى
وبالمحبة ناخد وندى
يا إسكندرية فيكى الغلابة
ع الرزق يسعوا ولا يناموش
نزل شبكهم فى بحر طامى
طلع شبكهم على فشوش
وفيكى بين البشر ديابة
وفيكى فوق البشر وحوش
وفيكى ناس مغرمين صبابة
لو خان زمانهم ما بيخنوش
وفيكى خمرى يا اسكندرية
سلمت امرى يا اسكندرية
مقدرش اشوفة وما اغنيلوش
   ركنت السياره فى شارع جانبى و تمشيت قليلا مستمتعا بحاله الجو على الكورنيش حتى وصلت إلى كافيه بواجهه زجاج تكشف البحر و بدايه غروب الشمس , دخلت و جلست , طاوله بجانب الزجاج الذي يكشف السيارات المسرعه و صوت الأمواج الذي يصدر من أله البحر عند أصدقائى اليونان و الرومان , قهوه تركي و سجائر محشوه و كوب ماء و هاتف لا يرن ، حاله من الصوفيه تملا المكان مع لحيه ثقيله و شعر مصفف بعنايه و نظاره شمسيه أرى العالم من خلفها لعله يتغير و لكنه أصبح كئيب أكثر ، قميص و بنطال و حذاء كلاسيكى كان هذا مظهرى و عطر سألتى النادله عن أسمه !

   بقيت صامتا أنظر إلي البحر و ذهاب الشمس إلي النصف الاخر ، السنه الخامسه لى بعد الحادثه , كل سبل الوصول إلي ما قبل ذلك أصبحت مستحيله كأن روحى سجنت فى الماضى و حكم عليها بالسجن مدى الحياه فأصبحت كائن لا يحزن ، لا يحب ، لا يكره ، لا يفرح .. صامت ، عزيزتي لا تهدي حبيبك عطرا يذكره بك كلما وضعه بل أهدي روحك , من فضلك أحتفظى بالباقى !
  حاسبت على القهوه و على غروب الشمس و على العمر الذى أختفى , أنطلقت بالسياره إلى فندق "سان استيفانو" كل من ذهب الى الأسكندريه زار هذا المكان و عندى وصولى إلى هناك بدأ الشعور الغريب يأتى مره أخرى و لكن بصوره أقوى , داخل ذلك المكان كان يحدث شئ متعلق بى , لا أعرف ما هو و لكنى أشعر به جيدا , بدأ الصداع يضرب رأسى بمطرقه من حديد مره أخرى , يكفى هذا !

    عداد السرعه يشير الى 100 كيلومتر فى الساعه ثم 120 , صوت منبه السرعه بدأ يرن لسان حاله يقول أنت تجاوزت السرعه الأمنه , هل تريد أن تموت ؟! , 130 كيلومتر فى الساعه أزدادت سرعه ضربات الجرس , 140 , 150 , حتى وصلت إلى 175 كيلومتر فى الساعه , كأننى أطير و السيارات من حولى أختلطت مع أضوائها و أصبحوا خطوط مضيئه على الجانبين , معالم الطريق أختفت , منطلق وسط الظلام كرصاصه خرجت و لن تعود إلى خزينتها !
   توقف صوت منبه السرعه ربما تركنى أواجه مصيرى وحدى , الطريق إلى القاهره ليلا لا يوجد به سيارات كثيره , إذا لماذا لا أجرب المغامره ؟! , فأن حدث شئ سأرحل وحدى و إن لم يحدث شئ فأنا أيضا وحدى , طوال الطريق لم أستطيع أن أكسر حاجز 175 كيلومتر فى الساعه و أحقق رقم قياسى جديد فى سحب رخصتى !
   كمين مرور , هذا ما ينقصنى , هديت من سرعتى و أطفأت أنوار السياره العاليه و بكل ثقه دخلت , فكمائن المرور دائما تعتمد على عنصر المفاجأه , وقفت و جاء إلى ضابط شرطه برتبه "ملازم اول" , أنزلت الزجاج و قال لى ...
_ رخصك .
   أخرجت رخصه السياره و رخصتى ...
_ اركن على جنب .
   تبا , لقد ألتقتنى جهاز الرادار اللعين , وداعا رخصتى هذه المره إلى الأبد فا 175 كيلومتر فى الساعه على الطريق الصحراوى كافيه لسجنى مدى الحياه , أوقفت السياره على أحدى جوانب الطريق و ترجلت منها فى طريقى إلى ضابط الشرطه الجالس خلف طاوله و كرسى بجانب سياره و بوكس شرطه و عده عساكر , تحدث الظابط برتبه "نقيب" قائلا ...
_ سايق على سرعه 175 فى طريق عرضه تلات حارات , ده انت قلب بقى و طبعا التعديل اللى فى العربيه مساعدك ... قالها بعد ان نظر إلى سيارتى القابعه على جانب الطريق .
_ السكه كانت فاضيه و الشطان شاطر ... قلتها بأبتسامه .
_ (يوسف امين منصور) , (يوسف امين) , انت مذيع فى الراديو صح ؟!
_ اه .
_ ايوه ايوه , انت اللى كنت بتعمل برنامج المنوعات طول الاسبوع , كنت بسمعك على طول , طيب ليه بقى السرعه يا (يوسف) على الطريق , شوف انا مش هسحب الرخصه بتاعتك عشان التعديل اللى انت عامله فى العربيه , انت عارف ان فى مخالفات على الزينون و التنفيخ , بس معلش هتدفع مايه و خمسين جنيه عشان السرعه , دى معرفش اسامح فيها .
_ خلاص مش مشكله , اتفضل الفلوس , انا اصلا نص مرتبى ضايع على مخالفات المرور ... تقبلها منى الرجل بضحكه .
_ اتفضل رخصتك , فرصه سعيده يا استاذ (يوسف) , بلاش سرعه تانى .
_ انا اسعد .
   أبتسمت له و أنا فى داخلى أصرار على تحطيم الرقم القياسى مره أخرى , أنت لا تعيش إلا مره واحده , فى طريقى إلى السياره و بدون إى مقدمات أتت سياره حمراء و أصتدمت بها , قلبى الصغير لا يحتمل , سائق هذه السياره الحمراء أنتهى أمره من الأن لن أحتاج إلى الشرطه لكى تعاين فالحادث تمت فى كمين المرور , سائق بائس سئ الحظ !
   أجتمع الناس حول السيارتان كصرصار ميت مقلوب و النمل متجمع حوله , خرجت من السياره الحمراء فتاه تبدو فى الخامسه و العشرون من عمرها و القلق و الخوف يمتلكها , هل رأيتها قبل ذلك ؟! , وجهها ليس بغريب !
   تركت كل هذه الأسئله على الأرض و جريت ناحيه حطام السياره و بعد أسعافها و رفضى إن ضابط الشرطه يتخذ أى أجراء ضدها و بعد تمالك أعصابها و أدراك ما حدث , ذهبت اليها ...
_ انتى كويسه ؟!
_ شويه الحمدلله , انا اسفه و الله مكنش قصدى اخبط عربيتك ... و بدأت فى البكاء .
_ اهدى شويه من غير عياط , ولا يهمك , حصل خير , انتى فيكى حاجه , نطلب الاسعاف ؟!
_ لا مش مستهله , انا , انا كنت طالعه من الكمين و فجأه عربيه كسرت عليه و انا بفاديها بدل ما ادوس فرامل دوست بنزين و خبط عربيتك , متقلقش انا هصلحها على حسابى و مفيش داعى للشرطه و كده .
_ تصليح ايه و شرطه ايه بس , فداكى العربيه , المهم انك كويسه .
   انصرف الجمع من حولنا و اخرجت هاتفها من سيارتها الحمراء و قالت ...
_ طيب ممكن رقمك عشان نتفاهم فى امور تصليح العربيه و كده ؟!
_ انتى بردو مصممه , اوك .
   سجلت رقم هاتفى عندها و قامت بالاتصال بى لكى أحفظ رقمها على هاتفى و ذهب كل منا إلى حاله و داخل رأسى يدور ألف سؤال و سؤال , هل رأيتها من قبل ؟! , أم هذه أول مره , ليست غريبه على !

    تركت سيارتى المصابه أمام البرج و صعدت الى شقتى , ألقيت مفاتيحى و أفكارى و أرهاقى و ألقيت بنفسى على السرير , طلوع الروح أسهل بكثير مما حدث لى اليوم , قمت بأخراج هاتفى من داخل جيب البنطال و نظرت إلى رقم الفتاه التى صدمت سيارتى و صدمتنى معها , كيف نسيت أن أسألها عن أسمها !
   هل هى من رأيتها فى الحلم ؟! , صاحبه الشعر الطويل و القميص الأبيض و الخطوات الثابته , عندما خرجت من سيارتها الحمراء كانت ترتدى قميص رمادى اللون و الخطوط البيضاء تشق طريقها بالطول جنبا إلى جنب و تهدى من سرعتها عند أول مطب طبيعى تقابله ثم تكمل طريقها إلى نهايه القميص و من أسفل ترتدى بنطال من القماش الأسود صمم خصيصا  من اجل أرجلها ولا يجب أن أنسى الكعب العالى و أسهامه بشكل سافل فى رسم هذه السيقان , شعرها طويل أسود به بريق و لمعان ملحوظ , لا يمكن أغفال عيناها السوداء , نعم هى من حلمت بها , أتت قبل اللقاء فى منامى تعلن عن دخولها حياتى , عزيزى عندما يتولى القدر زمام الأمور لا يستطيع أحد أن يفعل شئ !
التاسعه صباحا ...
   أستيقظت قهرا من نومى بسبب ألم ظهرى و موقف ليله أمس , قمت من سريري متخذ طريق الحمام ، دش سريع و تحديق لعده ثواني في المراه ، قبل أن أقوم بفتح النافذه نظرت من بين ضرافها هل جارتي المشتاقه واقفه تنشر غسيلها ام لا !
   عندما اطمئنت لعدم وقوفها ، فتحت النافذه داعيا الشمس علي فطار و كوب شاي و كعادتها لبت الدعوه ، واقفا أمام الثلاجه فاتحا بابها لا أفعل شئ كعاده أي مصري شريف ، أغلقتها و قمت بعمل شعريه سريعه التحضير , نور الشمس أحتل جزء من أرض المطبخ و جزء من وجهى , أمام الماء وقت حتى يغلى , قمت بوضع كيس التبغ أمامى و ورق البفره و فى طريقى للف عده سجائر !
   ملحوظه : لف السجائر يعلمك الصبر !
   بعد صب الماء أصبحت الشعريه جاهزه للأكل و فى أثناء لف السيجاره الثالثه سمعت صوت النوكيا يرن , من يتصل بى ؟! , (مى) فى عملها و (ايمان) تعلم أننى فى أجازه و من تريد قتلى لا تستعمل الهاتف , لماذا كل هذه الاسئله , يجب ان أتخلص من تلك العاده , ذهبت إلى غرفتى و أمسكت الهاتف و كانت المفاجأه , رقم من صدمت سيارتى ليله أمس , ضغط على زر الرد ثم ...
_ الو .
_ ايوه , انا (فريده) اللى خبطت عربيتك امبارح فى كمين المرور .
_ (فريده) , اه , ازيك يا فريده , انا (يوسف امين) .
_ (يوسف امين) بتاع الراديو ؟!
_ اه , بتاع الراديو .
_ ياااه , انا اسفه معرفتكش امبارح خالص , بس حسيت وقتها ان صوتك مش غريب عليه , انا صحيتك ولا حاجه ؟!
_ لا ابدا انا صاحى من نص ساعه تقريبا و غالبا دى اول مره تحصل , حظك حلو .
_ تمام , انا حاليا فى الشغل , هشوفك امتى عشان نتكلم فى اللى حصل ؟!
_ يا ستى محصلش حاجه , جت سليمه .
_ معلش يا (يوسف) , على الاقل نتكلم فى التلفيات و تصليح العربيه , انا بخلص شغل على الساعه اتنين , ممكن اشوفك فى "كوستا" اللى فى وسط البلد ؟!
_ الساعه اتنين , امممم اوك تمام , هبقى هناك فى المعاد .
_ اوك (يوسف) , باى .
_ مع السلامه .
   من شده حماستى لهذا اللقاء كدت أن أغلق الهاتف على اصبعى , أنتهت المكالمه و أنتهيت معها , دخولها فى حياتى أنجاز قدرى جديد و ربما تكون مجرد حدث عابر بعد ان ننتهى من موضوع تصليح السياره !
   (مى) أين هى الأن ؟! , لم تتصل منذ فتره , لا يهم فقط تعودت على ذلك منها , تختفى حتى تصفى و ترجع مره اخرى , وجودها فى حياتى أصبح ضروره لا يمكن الأستغناء عنها , كيف يعيش أدم بدون حواء و كيف أعيش من دون (مى) , لابد من وجود لمسه أنثويه داخل حياتى البائسه , أصبحنا أكثر من أصدقاء بعد أن تعرف كل منا على الأخر خلال حفل عيد ميلاد أحد الاصدقاء فى الأذاعه اما (ايمان) فمن مذيعين كل يوما نقدم برنامج مشترك إلى أن أصبحت رئيس تحرير الأذاعه و تغير كل شئ !
   أما من تريد قتلى , فبدأ ظهورها من بعد الحادثه و طوال الخمس سنوات تحاول أغتيالى و فى كل مره لا تفلح , لا أعرف من هى و لماذا تريد قتلى و كيف يحدث لى ذلك لكن ما اعرفه أننى رأيتها قبل ذلك فى الحقيقه , ربما قبل الحادثه لكن أين و من هى , لا أعرف !
   أرتديت ملابسى و خففت ذقنى و قمت بلف عده سجائر و داخل أول تاكسى وقف لى كنت أدخن واحده متجها الى وسط البلد , نزلت بشارع "الفلكى" المتقاطع مع شارع "محمد محمود" حيث يوجد "كوستا كافيه" !

    دخلت إلى المكان المتفق عليه , الأن أين أنتى ؟! , بحثت بنظرى بين الجالسين و على حسب ما أتذكر وجهها , ليست بين الموجودين , جلست على أحدى الطاولات الملاصقه للحائط و قلت للمتر ...
_ هو فى حد دخل الكافيه من شويه ؟!
_ لا يا فندم محدش دخل من حوالى نص ساعه , تحب تشرب ايه ؟!
_ قهوه زياده .
    لماذا لا تلتزم النساء بمواعيدها !
   أتت القهوه و أشعلت سيجاره فى صحه أنتظارها , بعد بضعه رشفات من الفنجان و فى منتصف السيجاره وجدتها قادمه , ترتدى قميص أبيض على جيب رماديه اللون , شعرها ملفوف إلى إعلى , بعد أن تفحصت الجميع وجدتنى أنظر إليها , خلال طريقها إلى الطاوله التى أجلس عليها كانت تتحدث فى هاتفها و قبل أن تجلس أنهت المكالمه , مدت يديها للسلام و خلال تلامس أصابعنا توقفت الحياه للحظات ثم عادت سريعه مره أخرى , جلست و طلبت قهوه مظبوط ...
_ اتأخرت عليك , صح .
_ لا ابدا انا لسه واصل من كام دقيقه كده , انتى عامله ايه من ليله امبارح ؟!
_ الحمدلله , كانت ليله صعبه , اليوم كله كان صعب بس عدت على خير .
_ الحمدلله , المهم انك تمام و بخير .
_ انت بقى (يوسف امين) بتاع الراديو ... قالتها و هى تبتسم .
_ ايوه , بس بقالى فتره مريح من الشغل , بجهز لبرنامج جديد .
_ اها انا كنت بسمع البرنامج بتاعك زمان , بجد كان وهمى , انت ليه وقفته ؟!
_ ظروف خاصه و ظروف فى الشغل , يعنى الدنيا كلها وقفت مره واحده و انتى بتشتغلى ايه و فين ؟!
_ انا يا سيدى شغاله فى مكتب اليونسكو اللى فى القاهرة هنا و مسئوله عن ملف المراه و الثقافه المتبادله .
_ الموضوع شكله كبير و انتى مبسوطه فى الشغل ده ؟!
_ اها المجال ممتع جدا , على طول سفر و مؤتمرات و بعثات , جو لذيذ , خلينا فى المهم , عربيتك حصل فيها حاجه , انا مكنتش مركزه ساعتها ؟!
_ بسيطه , جنب العربيه الشمال كله محتاج يتصلح , متشغليش بالك .
_ ازاى بس يا (يوسف) ده انا اللى خبط العربيه , كويس انك مكنتش فيها , قدرت تكاليف تصليح العربيه ؟!
_ لسه معرفش , بس العربيه بتمشى و ده فى حد ذاته شئ كويس ... قلتها بأبتسامه لتخفيف الامر عليها .
_ كل ده بسببى , انا اسفه , بس ياريت تقول ليا تصليحها هيتكلف كام عشان ادفعهم ليك .
_ طيب شوفى بقى , اولا انا مش بقبل العوض , ثانيا انتى مش هتدفعى حاجه قدام جت فى الحديد يبقى فى ستين داهيه , ثالثا الحادثه كانت فرصه سعيده عشان اتعرفت عليكى .
   احمرت خدودها و فلتت منها ابتسامه مع سماعها الجمله الاخيره من كلامى , ثم قالت ...
_ انت مصمم انى مدفعش تمن تصليح العربيه ؟!
_ اه ده امر مفروغ منه .
_ انت سجلت رقمى عندك صح ؟!
_ اه سجلته لما عرفت ان اسمك (فريده) و انتى بتكلمينى انهارده الصبح فى الموبيل .
_ تمام كده و انا كمان سجلت اسمك انهارده يا حضره المذيع المشهور .
   انتهى كل منا من شرب قهوته و قمنا حتى وصلت معها إلى سيارتها ...
_ كانت فرصه سعيده يا (فريده) و اتمنى تتكر تانى .
_ قريب انشاء الله , انت هتروح ازاى ؟!
_ هركب اى تاكسى يروحنى .
_ لا ميصحش , لازم اوصلك , يلا اركب , انت ساكن فين ؟!
_ فى مدينه نصر .
   كالعاده الطريق مزدحم و السيارات تكاد لا تتحرك و لأول مره لا ألعن الرئيس و حزبه , جالسا بجانبها , أراقب السيارات و الماره و أحيانا أخرى أراقب أنعكاس وجهها على زجاج السياره , ليست من أخلاقى الألتزام بقواعد المرور و لكن هذه المره طبقت قاعده "لا تتحدث الى السائق اثناء القياده" مكرها فاليس لدى ما أقوله لها !
   وصلنا إلى المنزل و شكرتها على التوصيله و على أغنيه فيروز الرقيقه و ودعتها متمنى لها يوما جميل و إلى قلبى ألا يتعلق بأمل جديد !