السبت، 28 ديسمبر 2013

( 7 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 7


غرفه 53 ...
  
   بعد أستقرار حالتى تم نقلى إلى غرفه بسيطه متساويه الابعاد , حوائطها مطليه بالون الابيض و بها نافذه تطل على الشارع الرئيسى للمستشفى فوقها لوحه لمنظر طبيعى يشعرك بالكئابه و الضياع و بالمقابل يوجد باب الغرفه و بجانبه باب أخر لحمام صغير و يوجد بالمنتصف السرير الذى أرقد عليه و ساعه معلقه على الحائط المقابل لى تزعجنى دقات عقاربها السامه , مازال جهاز القلب موضوع بجانبى يرسم خطوطا منتظمه الايقاع و أسلاكه تمر فوق صدرى و محلول يشق طريقه بين أوردتى بدون أستيحاء , ظل كلام الطبيبه يدور داخل رأسى كطائره تستنفذ وقودها من أجل هبوط أضطرارى "مجهود عنيف , جسمك مقدرش يستحمله" , كُل ما أتذكره وقوعى بداخل غرفه نومى و النافذه التى كانت مفتوحه عن أخرها و المطر الذى أغرقنى و ذهابى إلى الحمام و أفراغ ما بمعدتى و شعورى وقتها بألم رهيب ثم أظلم كُل شئ , لا أقوى على تذكر أى أحداث أكثر من ذلك , مازال الصداع مستمر منذ ليله أمس حتى الان , خلال متابعتى لصوت دقات عقارب الساعه التى أمام , فتح باب الغرفه ممرضه بدينه سألتنى عن حالتى الان :

_ عامل أيه أنهارده ؟
_ تعبان جدا و الصداع هيفرتك دماغى , مش عارف أنام ساعتين على بعض

   أمنت على كلامى بهزه بسيطه من رأسها و نظرت إلى جهاز رسم القلب لعدد من الثوانى ثم قامت بعدها بقياس ضغطى و النبض , بعدها تركتنى بالغرفه ثم عادت بعد وقت قليل ممسكه بيديها حقنه قامت بتفريغ ما تحتوىِ بداخل المحلول المعلق بيدى ثم قالت :

_ ده مهدئ هيخليك تعرف تنام
_ شكرا

   أنسابت مفاصلى دفعه واحده و شعرت أن رأسى أنفصلت عن جسدى و أنى أصبحت حرا طليقا , بهدوء أنسابت جفونى و أستسلمت إلى غياهب النوم بدون مقاومه , لا أعلم هل تركتنى الممرضه قبل أن أذهب أم راقبت المشهد .. اللعنه على المؤخرات الكبيره !

   المشهد أمامى كصوره تبث بتلفزيون ماركه تليمصر أنتاج الثمنينات مزود بأريل يأتى بالقناه الاولى و الثانيه فقط , صوره غير ثابته , مشوشه و بها الكثير من النغمشه , أرى الغرفه التى بها من خلال تلك الصوره الغير واضحه , أرى نفسى كأننى مستيقظ و فى كامل نشاطى و عقلى فى كامل تركيزه كمن نام عشره سنوات , عقارب الساعه المعلقه على الحائط أمامى غير موجوده , أراها عقارب حقيقيه تتمشى على الحائط فى دوائر عكس أتجاه سيرها داخل الساعه , بدأت الصوره ببطئ تسئ أكثر فأكثر حتى أصبحت الرؤيه معدومه , أنقطع البث نهائيا , أصبحت لا أرى الغرفه ولا أرى جسدى , ظل وش قطع البث مستمر لفتره حتى شعرت بسخونه رياح جعلتنى أتذكر سريعا المكان المظلم الذى كُنت محبوسا به و لكنى هذه المره كُنت أرى جسدى ملقى حدفه على تلك الارض الخشنه , ساكن لا يتحرك و بجانبه بقعه دماء لونها أغمق من ظلمه المكان , أنتابتنى قشعره أنتفض لها جسدى لرؤيه جسدى ميتا فى ذلك المكان الموحش , عقلى متوقف عن التفكير كأن أحدهم عبث بأسلاك رأسى , فقط المشاهد تعرض أمامى بدون تدخل منىِ فى أى شئ , عاد البث مره أخرى سئ لفتره ظللت فيها مفتوح العينين لا أراديا أحملق بذلك الوش المستمر حتى أغمضت عينى بغته و أنسحبت بعنف داخليا .. داخل نفسى !

   صوت تلاطم الامواج الخفيف جعلنى أستيقظ , ببطئ فتحت عينى و لاحظت أشعه الشمس تحاول ممارسه الرزيله معاها , أغلقتها سريعا و أعتدلت فى جلستى فالرمال ساخنه , بعد أن فتحت عينى و أغلقتها عدت مرات واجهت أشعه الشمس و هذا المكان , البحر بألوانه الزرقاء و النخل مُصتف عاليا , الهواء لطيف يداعب خصلات شعرى , أثناء إزاله حبات الرمال من علىِ أدركت أننى سوف أقابل السيده الافريقيه ذات الخمسين عاما , فهذا جسدى متناسق الاكتاف و الصدر و الازرع و البطن المقسمه التى منحتنى أياه , على مرمى السُحب المتراميه فى السماء وجدت البيت الخشبى الذى كُنت به من قبل , هذه المره أرتدى بنطال فقط , أفضل من لا شئ , أخذت طريقى إلى ذلك البيت و الرمال تبث سخونتها بأسفل قدمى حتى وصلت , صعدت سلمتين ثم دلفت إلى الداخل فالباب كان مواربا , الغرفه كما هى منذ المره السابقه , السرير ذو الاربع أعمد و الستائر المتدليه منه فى المنتصف , الطاوله و الكرسى و المرأه التى أرى نفسى بها الان , صوت قدمى على أرضيه الغرفه الخشبيه أعلن عن قدومى لها , مددت رأسى ناحيه الشرفه وجدتها جالسه تدخن سيجارتها المفضله و تصب الشاى فى فنجان مقابل لفنجانها , بدون أن تلتفت إلىِ قالت : بتحب الشاى ؟!

   أقتربت من الشرفه حتى جلست بالكرسى الذى يوجد أمامها و ظللت محملق بها فى محاوله لمعرفه من هذه السيده و ماذا تعرف عنى , تركت المعلقه التى كانت تذوب بها الشاى و أراحت ظهرها على كرسيها البسيط و ظلت مبتسمه لعدد من الثوانى ثم دفنت بقايا سيجارتها فى تنوره كرستال ثم قالت :

_  جو المستشفى كئيب مش كده ؟
_ ...........
_ أتلحقت على أخر لحظه , البنت شكلها بتحبك جدا
_ ..........
_ ايه هتفضل ساكت كتير !
_ معنديش حاجه أقولها
_ أزاى بقى ده أنت سر كبير
_ أنتى مين ؟
_ متسألش .. قالتها بحده ثم أردفت ملطفه : أنت المفروض تشكرنى
_ !
_ أتكتب ليك عُمر جديد
_ الاعمار بيد الله
_ أاااه , هو أنت منهم
_ هما مين ؟!
_ مش ده موضوعنا , شوفت أخره رجوعك لست الدار
_ ايه ؟
_ مجهود عنيف , جسمك مقدرش يستحمله
_ ده كلام الدكتوره !
_ الجمال مش كُل حاجه
_ قصدك أيه ؟
_ ست الدار عمرها ما جت و سابتك بعدها سليم
_ ..........
_ أنت لسه ضعيف قدامها , لسه فاكر كُل تفصيله فيها , هى عارفه أنك بتحب جسمها عشان كده جت عريانه
_ أنا مش وسخ
_ و مش ملاك , خمسين فى الميه من نيتك لازم تعيد النظر فيهم
_ .........
_ ست الدار مش عايزاك تفضل عايش
_ قصدك أنى المفروض دلوقتى ميت !
_ أنت ميت فعلا , أنت مشوفتش جثتك ولا ايه ؟
_ أمال مين اللى فى المستشفى و مين اللى قاعد قدامك دلوقتى ؟!
_ أنت موووووووت .. قالتها بصرخه صمت لها أذنى ثم أردفت : و مش صعب أقنعك
_ ...........
_ أشرب الشاى

   مددت يدى بكُل برود و لامبالاه و أمسكت فنجان الشاى الابيض ذو الرسومات المتحركه , أفاعى سوداء تلتف حول بعضها البعض , رفعت الفنجان إلى فمى و مع الرشفه الاولى سقط أحد الافاعى فى فمى , شعرت به يتخذ طريقه داخل حلقى ثم من بعدها أحسست بألم رهيب ناحيه قلبى , من فرط الالم أوقعت الفنجان على الارض و نظرت إليها و إلى ثباتها و مراقبتها لى , أخرجت من علبه سجائرها واحده و مع أشعالها نشب حريق داخل صدرى شممت رائحته داخل أنفى ...

_ أنتى بتعملى فيه ايه ؟
_ ..........
_ أنا بموت
_ هتموت
_ !
_ من زمان و أنا مستنيه اللحظه دى , أنت ضعيف و هتسمع الكلام , مفيش قدامك حل تانى , لقد بدأ الامر للتو

   من قال "لقد بدأ الامر للتو" شخص رخيم الصوت , صوت رجل بالغ ممتلئ بالحقد و الشر لم يكن أبدا صوتها , مازال الالم يعتصرنى بكُل عنف و قسوه , سكاكين تذبحنى من الداخل حتى أننى وقعت من على الكرسى و تمددت على أرضيه الشرفه و بدأت الصوره تذهب رويدا رويدا

_ سرعه ضربات القلب بتزيد بسرعه رهيبه و ضغطه بقى عالى جدا , كلمى مدير المستشفى يلحقنى أنا مش قادره أسيطر عليه , جسمه بيتنفض بعنف , هيروح مننا

   المشهد داخل غرفتى بالمستشفى , جسدى ينتفض و سرعه ضربات قلبى كسرت السرعه القانونيه , الدكتوره المتابعه لحالتى تحاول فعل أى شئ ولكن بدون فائده , سيده الدار تقف عاريه خلفها تبتسم بحنانها المعتاد و خلف سيده الدار شابه ترتدى أسدال طويل و بيدها سكين يلمع نصله , أقتربت منىِ و سددت عده طعنات متفرقه فى أنحاء جسدى و سيده الدار لم تتحرك ساكنه لى تمنعها ...

_ فى نزيف يا دكتور من كُل حته فى جسمه معرفش جه أزاى و منين , بينزف كتير جدا
_ غريبه جسمه مش بيستجيب للمهدئات , هاتى بسرعه جهاز الصدمه الكهربائيه

   هرعت الطبيبه لكى تأتى بالجهاز و حاول مدير المستشفى السيطره على النزيف و ضربات قلبى المتسارعه و لكن بدون فائده جهاز رسم القلب كاد يحرق من سرعه خطوطه الخضراء المتراقصه بعنف و عداد الضربات الذى جاوز الحد المسموح به منذ زمن

_ الجهاز يا دكتور
_ كُله يوسع .. 1 , 2 , 3

   تقوس ظهرى من شده الصدمه الكهربائيه و لكنها لم تاتى بنتيجه , أعاد الرجل المحاوله مره أخرى و مع الصدمه الثانيه رأيتنى بجسدى التى منحتنى أياه السيده الافريقيه واقف عند طرف السرير و سيده الدار و صاحبه الاسدال أمامى بالطرف المقابل للسرير , أنظر إليهم بملامح يملئها الغضب و العبوث , تغيرت ملامحهم عندما رأونى أمامهم , نظرت إلى و أبتسمت ثم قلت لم ينتهى الامر بعد لقد بدأ للتو , أشعر أننى فى أفضل حالتى بهذا الجسد المتناسق , الصدمه الكهربائيه الثالثه أنتهى معها كُل شئ , سكن جسدى بلا حراك و أختفت سيده الدار و صاحبه الاسدال كما أننى أختفيت أيضا من أمامى , عندها أطلق جهاز رسم القلب صافره طويله تعلن وفاتى رسميا , نزع الطبيب الاسلاك من صدرى و قال إلى الطبيبه المساعده :


_ ساعه الوفاه 10 : 4 الفجر

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

( 6 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 6


35 : 10 صباحا ...
مستشفى القصر العينى ...
العنايه المركزه ...

   بدأ جهاز رسم القلب يرسم خطوطا غير مستقره بجانب سرير محاط بستائر زرقاء اللون أسمع من خلفها أنين المرضى , حركت أصابعى بصعوبه على الاسلاك التى تمر فوق صدرى و فتحت عينى ببطئ , من بين شكائر الاسمنت التى سدت جفونى تأملت ضوء لمبه نيون معلقه فوقى , طرقات الصداع تدوى فى رأسى كطرقات حداد سئ المزاج , أغمضت عينى و فتحتها مره أخرى لم يتغير شئ , لم أعرف سبب عدم قدرتى على الرؤيه من بعيد جيدا , كأننى أريد مسح عينى و أزاله ما عليها حتى أرى جيدا , فجأه شعرت بألم شديد خلف رأسى و كأن يوجد حجر أسفلها , ببطئ رفعت يدى و تحسست أسفل رأسى حتى شعر بصدمه كهربائيه أنتفض لها جسدى , لن أحاول مره أخرى , وضعت يدى بجانبى و أغمضت عينى لعده دقائق أستوعب حالتى و المكان الذى أرقد به بدون حراك , خلال تفكيرى سمعت صوت الستائر تُسحب إلى نهايه السرير و رائحه عطر أنثوى و طبيبه شابه تصوب كشاف ساطع لحدقه عينى : سامعنى .. تقدر تتكلم ؟

   صوتها بعيد كأنه أتِ من مسافه شهر , حاولت فتح فمى المتحجر و البحث عن لسانى و لعابى الجاف ...

_ حمد لله على السلامه
_ أنا فين ؟
_ القصر العينى
_ بعمل ايه ؟

   أنتهت الطبيبه من قياس ضغطى ثم قالت :

_ لا تمام .. تمام , أنت كده مش محتاج تفضل على جهاز الضغط
_ أنا بعمل ايه هنا ؟
_ دول كام ؟
_ انا عنيه مزغلله و حاسس بصداع جامد
_ كل ده من تأثير الخبطه اللى فى دماغك .. دول كام ؟
_ تلاته .. ايه اللى حصلى ؟
_ أغمى عليك و وقعت على راسك , الخبطه اللى فى راسك هى اللى عمله الصداع و زغلله العين , بس متقلقش الزغلله تأثير وقتى لكن الصداع هيستمر شويه
_ طيب هو أنا أغمى عليه ليه ؟
_ مجهود عنيف , جسمك مقدرش يستحمله , الكلام ده من حوالى عشره أيام , أنت ليك قرايب ؟
_ لا أنا عايش لوحدى
_ طيب فاكر ساكن فين ؟
_ اه فاكر
_ عموما فى أنسه هى و راجل بيتكلم لغه غريبه كده هما اللى جابوك يوم ما أغمى عليك
_ البواب
_ طيب كويس , أنت فاكر أهو كُل حاجه , هسيبك تستريح دلوقتى
_ أنا الصداع هيموتنى , زائد أنى حاسس بوجع ناحيه قلبى

   بدأت تعيد فحص نبضى ثم قالت :

_ الوقعه اللى وقعتها على راسك مش سهله , الصداع هيستمر معاك و ممكن تحس بأعراض الصداع النصفى كمان على فترات , كويس أنك لسه بتشوف , وقعه زى دى بعمى على طول , الزغلله مع الوقت هتروح , الوجع اللى ناحيه قلبك ده من المجهود اللى أتعرضت له عضله القلب و سبب دخولك فى غيبوبه , مش عايزه أقولك بس أى مجهود زياده بأزمه قلبيه على طول .. أنت أتلحقت على أخر وقت أكتر من كده مع النزيف كان زمانك مش قاعد قدامى و بنتكلم

   أجمعت أشيائها و قبل أن تهم بالرحيل قالت :

_ لولا الانسه و البواب اللى جابوك هنا كان ممكن الامر يبقى أسوء .. متنساش تبقى تشكرها , هى جارتك و ساكنه معاك فى نفس الدور

   قالت جملتها الاخيره و رحلت ساحبه معها عطرها و أبتسامتها التى لم تخفى طول حديثنا , حديثنا الذى أخبرتنى فيه أننى أصبحت مريض و مهدد فى أى وقت بأزمه قلبيه , قالت جملتها الاخيره و تركتنى أصارع أسئلتى بين الستائر الزرقاء

   بعد ساعتين من الفحوصات أستسلمت فيهم للأطباء و الممرضين كقطعه قماش باليه جاءت الممرضه و خلعت عنى الثوب المشقوق من الظهر - ثوب المستشفى - و أفرغت القسطره و مسحت جسدى بالماء البارد و تركتنى مع الألم و مع صداع رأسى المزمن , الان أصبحت مفشوخ نفسيا و جسديا , الان أصبحت بقايا أنسان يحاول الحياه بقوه الدفع , لم تعد الحياه متوقفه كما سبق , لقد أصبحت تعود إلى الخلف بدون مرايات توضح الطريق , لا أراديا خارت قواى و غِط فى نوم عميق كمن تدفن رأسه فى الرمال

   _ أنا معاه دلوقتى فى العنايه .. دخلونى بالعافيه .. اه , اه .. هو نايم حاليا .. سألت الدكتوره عليه , حالته مستقره بس أنا مش مطمنه .. خايفه أوى عليه .. ده مبقاش نافع يا بنتى .. أن شاء الله يقوم منها .. أدعى له يقوم بالسلامه , يارب يا حببتى .. يلا باى

   تنبهت لصوت رقيق به بحه مميزه و نغج أنثوى ساحر مع جمله "ده مبقاش نافع" , فتحت عينى برفق حتى رأيتها , تلك المره الاولى التى أراها فيها عن قرب , شعرها البُنى الناعم المرفوع إلى أعلى و مُحكم من الخلف بعصاه من المطبخ الصينى و خصلتها الحمراء المجنونه مع نظاره شمسيه فوق رأسها , بشرتها ملساء تلمع مع نيون اللمبه التى فوقى و نغزه محفوره بخدها الايمن كمثل التى أملكها , اليوم شفتيها و أظافرها بلون الروز و عطرها هو دائما الذى كُنت أستنشقه عند مراقبتها و التصنت على باب شقتها , اليوم ترتدى "سويت شيرت" أبيض عليه كلمه "STOP" محفوره على صدرها الرائع و بنطال جينس به لمعه بيضاء خفيفه يرسم وركيها بحرفيه و حذاء رياضى , ممسكه بيديها مفاتيح شقتها و مفاتيح السياره , لم تأتى بشنطه يد !

_ ... أن شاء الله يقوم منها .. أدعى له يقوم بالسلامه , يارب يا حببتى .. يلا باى

   أنهت مكالمتها و نظرت إلى حيث وجدتنى أنظر إليها بعين ثابته و أبتسامه سعاده تريد أن ترسم على وجهى رغم حالتى , أبتسمت بأستغراب و قالت :

_ أنت صاحى من أمتى ؟
_ من ساعه ده مبقاش نافع

   أبتسمت حتى ظهرت النغزه اليُمنى بخديها الابيض المتورد بعين ثابته تقتحمنى بهدوء و حرص ...

_ أنت مشوفتش نفسك كُنت عامل أزاى ساعتها , ده .. توقفت لثوانى ثم أردفت :

_ هسيبك دلوقتى عشان أنا دخلت ليك بالعافيه و كده طولت جدا , خلى بالك من نفسك و أنا هعدى أطمن عليك كُل فتره , مفتاح الشقه بتاعك معايا , لو حابب أجبلك حاجه منها معايا المره اللى جايه ولا حابب البواب هو اللى يجى ؟
_ بواب ايه , لا لا انا مش ناقص أفضل أفك فى طلاسم طول ما أنا بتكلم معاه
_ ده بجد طيب و هو اللى جى معايا على المستشفى لما حصل اللى حصلك .. يلا أسيبك ترتاح دلوقتى , سلام

   وضعت يديها على يدى و الاخرى على جبينى و نظرت فى عينى لعدد من الثوانى شعرت كأنهم قرن من الزمن , قرن من السعاده , أبتسمت لها و ظللت محافظ على بقائى مستيقظ حتى رحلت و أدركت وقتها أنى لن أندم مره أخرى على من رحلوا !

الأحد، 22 ديسمبر 2013

( 5 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 5


   سأقف تلك الليله وحدى ، تتساقط عنى الذكريات ، و يبعثر الهواء أشلائى لأذهب و أتمسك بذرات المزيكا المتناثره هنا و هناك , تلك الليله سأكون بلا قمر يهدينى للطريق الذى طالما بحثت عنه , سوف تصبح السماء و الارض لوحه واحده سوداء , لن أرى أى شئ , غلق عينى و فتحها مره أخرى لن يفيد فالمشهد بالداخل لا يفرق كثيرا عن الخارج , النجوم تعتذر عن القدوم هذه الليله و الرياح دافئه تأتى من جميع الاتجاهات , لا يوجد صوت يعلو فوق صوت الرياح و ذرات التراب المتناثره , فقدانى للرؤيه أمامى جعلنى أجلس على الارض , فقد ألم بى دوار و بالكاد أحاول الحفاظ على التوازن , التوازن الذى سوف يختفى بعد أن يضرب رأسى صداع نصفى من الظلام الشديد و عدم القدره على تحديد الاتجاهات , الارض التى أجلس عليها دافئه , خشنه , عليها الكثيره من التراب و الحصى , أشعر أننى فى موقف سيارات كبير به العديد من عواميد الاناره , أشعر أننى وحيد , حقا أنا وحيد فى ذلك المكان , شعور الوحده يختلف كثيرا عن ممارستها , بؤبؤ عينى متسع عن أخره من شده الظلام , أشعر أنه سوف يتمزق , فى ذلك الموقف تأتى الهواجس محمله على سيارات نصف نقل و تبدأ بالانفراد بك و مهاجمتك من جميع الاماكن , كأن شئ سوف يأتى من خلفك ليفترسك , أسد أم ثعبان أم دب القطب الشمالى لا يهم , ما يهم أننى سوف أصبح فريسه فى نهايه الامر , أو أن الارض التى جالس عليها سوف تختفى و أسقط إلى الهاويه حتى أرتطم و تتناثر أشلائى فى كُل مكان , لا مجال لطرد تلك الهواجس من رأسى , أحتاج إلى نور فقط شعاع بسيط أسير نحوه و يحدث ما يحدث , لا أريد الجلوس هنا كثيرا !

   بدأ الدوار مع طرق الصداع لرأسى المسكين , تكورت على الارض كالرضيع فى بطن أمه و الرياح الدافئه و الحصى تلفح وجهى بدون توقف , ظللت على ذلك الوضع لفتره أفكر كيف وصلت إلى ذلك المكان , أحاول أرجاع الشريط مره أخرى , أين كُنت قبل ذلك ؟ , حاولت كثيرا أن أتذكر و لكن بدون جدوى , الصداع أفسد ذراع أسترجاع الاحداث و أفسد ما تبقى فى رأسى من سلوك , أرتميت على ظهرى و فرد يدى الاثنين يمينا و يسارا و فتحت عينى فى محاوله لرؤيه لا شئ و لكنه أفضل من غلقها و تخيل أشياء مرعبه , تمنيت النوم بشده , تمنيته أكثر من الطعام و الماء , أشعر بضغط كبير لا يستطيع أحد أن يتحمله , جسدى مُنهك إلى أبعد الحدود , مع الوقت بدأت أنفى تنذف , طعم الدماء على شفتى يقول أننى أنزف و بغزاره , لم أقوى على رفع يدى لوقف النزيف , ثقل رأسى و ضربات قلبى التى بدأت تقل و نَفسى الذى لم أستطع أخذه جعلنى أنهار فى هدوء , صوت الرياح توقف و لم أعد أشعر بدفئها , عينى أنفجر منها نهر صغير يشق طريقه على وجهى المتيبس و روحى بدأت تتحرك بداخلى حتى لم أعد أسمع صوت دقات قلبى .. مبروك لقد موت الان !

   ما سوف تجده غريبا أن عند موت الانسان يكون مدرك جيدا أنه فارق الحياه , يرى جسده مسجى على الفراش و لكنى لم أنُعم بتلك الرفاهيه فأنا لم أرى جسدى من شده الظلام ...

   تحركت أناملى بصعوبه على الفراش الناعم المستلقى عليه كريشه وقعت من طائر يُحلق فى الفضاء , فتحت عينى ببطئ و من بين خيوط العُماص التى تشابكت حولها , تأملت الضوء المنبعث من النافذه , بدى كأنه سيوف تخترق عينى , مازالت طرقات الصداع تدق رأسى و لكن خفت حدتها عن زى قبل , أغمضت عينى و فتحتها مره أخرى , رفعت يدى فى بطئ أتحسس أنفى , لم أجد للنزيف مكان فقد توقف , الهواء يخترقنى من كُل مكان , نظرت أسفل الغطاء لم أجدنى مرتدى شئ من رقبتى حتى قدمى لم أجد ما يسترنى , أين ملابسى ؟ , ما هذا المكان ؟

   بدأ الهواء يداعب الستائر البيضاء المعلقه فوق نافذه تتوسط حائط خشبى , غرفه حوائطها خشبيه و سقفها مرتفع , أتساع عنبر من عنابر المرضى بمستشفى حكومى , يتوسطها سرير كبير له أربع قوائم مرتفعه إلى أعلى و معلق عليها ستائر بيضاء نافذه للضوء تناسب إلى أسفل , بالخارج يوجد بحر صافيه ألوانه , صوت أمواجه الرقيق يعلن عن وجوده , أمام السرير يوجد باب و على اليسار يوجد باب اخر مفتوح يطل على بلكونه مربعه الشكل تطل على الشاطئ , بجانب السرير طاوله و كرسى و أرضيه خشبيه مفضوحه سوف تعلن عن قدوم أى شخص من مسافه شهر لمجرد طرق قدمه عليها !

   أغمضت عينى مره أخرى و فتحتها بعد أن أستغرق الامر بضعه دقائق فى محاوله للتخلص من الصداع و فى تلك المره التى فتحت بها عينى رأيت سيده تجلس بالشرفه تدخن السجائر , تنظر إلى فى هدوء مبالغ فيه , هى فى العقد الخامس , متوسطه الحجم و الطول , سمراء لون البُن الفاتح , شعرها متعرج و قصير يكاد يلامس طوله أكتافها , ملامحها أفريقيه بعض الشئ و لكنه الجمال الافريقى , ترتدى جلباب أبيض و به العديد من النقوش و الزخارف و الخياطات المتقنه الصنع و الرسم , عيناها عسليه اللون , معلق برقبتها سلسله جاهدت كثيرا لمعرفه ما يوجد بها و لكنى لم أستطيع التحديد , يوجد على يديها نقش يبدو وشم و يبدو حنه و لكنه كان يمتد من كف يديها حتى أصابعها , ظللت أحملق بها كثيرا منتظر أى رد فعل منها و لكنها أستمرت فى تدخين سجائرها , من هذه أيضا ؟ , سؤال جديد أنضم إلى أخوته بلا أجابه !

   بحثت بعينى عن أى شئ لأرتدى لكنى لم أجد , لن أظل جالسا هنا مع أسئلتى الكثيره و علامات الاستفهام التى تدور حول رأسى و أيضا لا أعلم متى سوف تنتهى من سجائرها ولا من برودها المتقن الصنع , قمت من على السرير و لففت حول وسطى الغطاء الابيض الذى كان علىِ و تركت نصفى الاعلى عاريا لن يعثرها فى شئ , خلال أحكام نصفى الاسفل نظرت إلى مرأه موضوعه بجانب السرير , نظرت إلى جسد ليس لى , هذا وجهى و لكن الجسد ليس جسدى , رأيت شخص متناسق القوام و مرسوم الصدر و البطن و الزراع و الكتفين , أغلقت فمى من الدهشه و نظرت إليها حيث نظرت إلىِ و أشارت بيديها لكى أشاركها الجلوس , قبل الذهاب إليها سرقت نظره على جسدى الجديد و الصدمه مسيطره علىِ .. نعم هذا حقيقى و ليس جنونا !

   الجو بالخارج كان ساحرا , الشمس فى كبد السماء و السُحب البيضاء متناثره على مئات الكيلومترات و البحر ممتد بألوانه الزرقاء و الهواء لطيف خفيف يداعب خصلات شعرى , لا يوجد أحدا هنا غير هذا البيت الخشبى المكون من طابق واحد ...

   جلست على كرسى بجانبها ولا أعلم حتى الان هل هذا حقيقى أم مجرد حلم من أحلامى المزعجه , أعتدلت فى جلستها و أطفأت سجارتها و قالت :

_ أنت مش بتحلم
_ .............
_ أنت عارف أنك شخصيه غريبه جدا , ليه بتدعى الهروب و أنت لما بتجيلك فرصه تقابل فيها حاجه قديمه بتمسك فيها بكُل قوتك ؟
_ ............
_ ست الدار كانت وحشاك ؟
_ !
_ ليه روحت معاها ؟
_ ...........
_ مسئلتش نفسك أيه اللى رجعها تانى و فى التوقيت ده بالذات ؟
_ أنتى مين ؟
_ أنت عارف أنك بتموت دلوقتى ؟
_ أنا موت خلاص بس معرفتش أشوف جسمى بسبب الضلمه !
_ أمال مين اللى قاعد قدامى ده ؟
_ معرفش , ده مش جسمى
_ طبعا مش جسمك , هو الجسم أيه غير غطا , روحك لسه عايشه , أنت قاعد بتتكلم معايا
_ أنتى مين ؟
_ أنت بتموت , عارف كده , أنت لسه مغمى عليك فى الحمام و لو محدش لحقك هيكتبوا عنك تانى يوم فى صفحه الحوادث
_ ...........
_ نمت ليه مع ست الدار ؟
_ أنا بعمل أيه هنا ؟ و أنتى مين ؟ و فين هدومى ؟
_ جاوب عشان أعرف أساعدك
_ تساعدينى ! , أيه المكان ده ؟ , أنا فين هنا ؟
_ مش هتبطل العاده دى , ترد السؤال بسؤال
_ أنتى عرفتى منين ؟
_ أنت سبت اسكندريه ليه ؟

   جاء سؤالها الاخير كالقشه التى قسمت ظهر البعير , بالتأكيد هى تعرف عنى كُل شئ , كيف عرفت أن سيده الدار أتت لى ليلا و كيف عرفت أننى تركت الاسكندريه منذ فتره طويله و كيف عرفت أننى أحتضر الان بالحمام داخل شقتى , لن أستطيع الهروب منها أيضا , بعد كُل هذا التفكير نظرت إليها و بداخل عينى قرأت أستسلامى لها ...

   أشاحت بنظرها نحو البحر و لاحظت شبح أبتسامه رسم على وجهها ثم أخرجت سيجاره من علبتها و أشعلتها و مع خروج دخان النفس الاول نظرت إلىِ قائله :

_ كده نعرف نتكلم ...

الاثنين، 16 ديسمبر 2013

( 4 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 4


      .. فقط وافقت على دعوتها للعشاء ليلا !

   لم يتم تحديد أى موعد لذلك العشاء الذى وافقت على حضوره معاها , فقط أقترحت و أنا أمنت ثم أنسحبت إلى شقتها و بقيت فى مكانى لعده ثوانى أستجمع ما وقع منىِ و ما رحل معاها , مسمار جديد يُدق فى قلبى , فأنا أعرف هذه البدايات جيدا , أقتراب مع حذر كطفل مزعج يدق جرس شقه و يجرى صاحبها سمين و أقرع , يجلس بملابسه الداخليه بعد عودته من العمل , يسب و يلعن طوال الوقت كأنه يقضى سنين حياته كمسجون محكون عليه بالمؤبد , هى الطفل المزعج و أنا أدخن سيجاره أمام نافذه غرفتى و بجانبى أغنيه تنبعث من سماعات جهاز التسجيل , مع الوقت أصبحنا أصدقاء فهو يقضى معى ليالى طويله أعانى فيها من البرد و الأرق و مهاجمه الذكريات من حين إلى أخر !

   المطر بالخارج ينهمر بشده و صوت الرعد يكاد يصم أذنى و ينتزع أحشائى , البرق بنوره الابيض يرسمنى على الحائط , يرسم كأئن لم يعرف للراحه موطن ولا للسلام الداخلى جنسيه , ينظر إلى وجهه فى المرأه و يلتقى فى كُل مره غريب جديد يجاهد لكى يستوعب ملامحه , حزنى نشع على هيئتى , أصبح من ينظر إلى يقول لى لماذا أنت حزين اليوم ؟ , ربما تقصد لماذا لست حزين هذا اليوم ؟ , لقد توقفت عن سؤال نفسى هذا السؤال , لم أجد رد و لم أجد من يهتم , بطريقه أو بأخره أصبحت محبوسا فيما مضى , توقف مخى عن أستقبال أى مثيرات جديده لأنشغالها بأشياء قديمه , المضحك فى الامر أننى لم أعد أستطيع السيطره على أى عضو من أعضائى , تفكيرى مشغول بما مضى و عقلى توقف عن العمل و قلبى أنكسرت عصاته و أصبح يزرف مشاعر كثيره أرى أثارها على سريرى كُل يوم عند أستيقاظى من النوم , أما روحى فهى ملك ربى أضعها كُل يوم تحت أرجله لكى يقبلها قبل وقتها , يبقى أنا , ذلك المُتعب , البارد , الانانى , العنيد , الذى يضع النهايات ولا ينتظرها تحدث , نهايات كثيره كتبتها وحدى , وجود أسمى وحده على تتر النهايه يكفى , دور المظلوم لم يعد يليق بى , ما يثير دهشتى أن كُل منا يبكى على ليلى و لكن ليلى لا تبكى على أحد و هنا موطن قوتها !

   ضوء البرق الابيض المتسارع يشبه سياره أتيه من الامام تقلب أنوارها لتحذيرك بأن هناك ردار يلقط السيارات المسرعه و لكن ذلك النور لم ينبهنى بأن هناك من يقف خلفى , يلمع شبحه بزجاج النافذه كلما أضاء البرق الغرفه بنوره , سقطت سيجارتى بعد أن أطفئتها بروده الجو و بكل هدوء نظرت إلى أسفل أستعدادا لرؤيه من سيهاجمنى من الخلف , قبل أن أرفع عينى وجدت أصابع أرجل مطليه بالون لم يترك ذاكرتى يوما , تلك الاصابع المخروطه بعنايه ملك واحده فقط هجرتنى منذ سنوات و تركتنى قطعه أرض خربه غير صالحه للزراعه حاول الكثير أستصلاحها و لكن مراره مياهها الجوفيه جعلتهم يرحلو بلا أمل ولا رجعه , ركبتيها و وركيها و ما بينهم أكد لى أنها هى , تلك البطن الملساء و الخمس نجوم حول سُرتها و نهدين كما الشمس و القمر يدوران بثبات , كيف لا تشعر بالبرد و هى تقف عاريه أمامى ؟ , كيف لا أشعر أنا أيضا به ؟ , لم أنسى تلك الابتسامه المرسومه على شفتيها الان و لم أنسى نظره عيناها الممتلئه بالحنان , لم أنسى أن أقترب منها أكثر و أكثر !

   لم أنسى أن أخبرها عما حدث لى خلال سنوات بعدها و كيف تمنيت قدومها عند كُل مسمار يُدق بقلبى كى تنزعه و تداوى جرحه , فهى أفضل حبيبه يمكنها علاج جرح قلب كانت هى أول من جرحه , هممت بفتح فمى للكلام حتى وضعت يديها التى دائما كُنت أقبلها و قالت بصوتها المبحوح كلام كثير لم أفهم منه شئ بقدر ما شعرت بشئ من السعاده , سعاده أفتقدتها منذ رحيلها عن عالمى , عالمى الذى توقفت عقارب ساعته فى لحظه خروجها , للحظه لمحتنى و انا ممسك بيدى وسطها و سلسله ظهرها كنهر سريع الجريان و شعر يهيم بدلال على كتفيها , لمحتنى و رئيت ملامح أفتقتها فى وجهى منذ زمن , ملامح ذلك الشاب الهادئ الساكن الذى يعيش فى سلام مع نفسه و مع من حوله , للحظه ردت الروح إلى !

   بدون سابق أنذار وضعت يديها على صدرى و همت بتقبيلى و بدون تردد أنسبت كشلال مياه بين شفتيها , أفتقدت طعم التفاح الذى يسيل من بينهم و الشعور بسخونه أنفاسها و التنهيده التى كادت تشق صدرها نصفين , كُل شئ توقف , المطر و الرعد و نور البرق الذى أنطفئ , أساس الغرفه الذى تبخر و لم يعد له وجود , الحوائط الاربعه التى أصبحت بشكل مفاجئ دائريه , الهواء الساخن الذى بدأ يداعب أطرافى و أغنيتها المفضله التى أنطلقت فى المكان , لون الشمس البرتقالى بدء يحل فى هدوء و عوده الحوائط الاربعه مره أخرى و لكن هذه المره حوائط خشبيه و سقف مرتفع على هيئه مثلث يوجد به نافذه ترسل أشعه الشمس فوق سرير يحملها و يحملنى فوقها , يديها تعانق رأسى و أرجلها متشابكه أسفل ظهرى و أبتسامتها و نظره العين الواثقه لم تلمع بهذا الشكل من قبل , أستمر حديثنا الصامت كثيرا كأننا سوف نبقى هنا إلى الابد !

   خلال مراقبه تعابير وجهها و السعاده المرسومه عليه , أغمضت عينها و عضت على شفتيها و أنهمرت الدموع منها ثم فتحتها مره أخرى و هنا أنطفئ نور الارض بغته , من شده الالم فتحت عينى حيث وجدت نفسى ملقى على أرضيه غرفتى و النافذه مفتوحه عن أخرها تطيح بها الرياح يمينا و يسار و المطر ينهمر علىِ حتى أغرقنى , تحاملت على نفسى و على الوجع فى محاوله للقيام لغلق تلك النافذه , بعد غلقها ترنحت حتى الحمام و أفرغت ما فى معدتى و نظرت فى المرأه , وجدتى شاحبا و خلال ثوانى سوف أسقط مغشى علىِ , لم أكمل تفكير حتى شعرت بحجر كبير يسقط على رأسى من الخلف و من بعدها أسود كل شئ !