الجمعة، 13 سبتمبر 2013

لن أهرب !



   لن أهرب من كُل ما فات , كُل ما رميته خلف ظهرى مازال موجود , أنت فقط لا تنظر , أنا أيضا لا أنظر , لا أريد أن أهتم , أتخذ قرار السعاده حتى تُصبح عاده فى حياتى , و لكن ماذا سيكون الحال عندما تأتى أحلامك بكل ما يوجد خلف ظهرك , كُل ليله حلم جديد و حدث قديم يطرق باب ذاكرتى و يعلن حضوره بكل ما يحمله من تشوهات و أحزان , انا أحلم كُل ليله , المعاناه مستمره حتى أثناء النوم , أتقلب قلقا أكثر من عاذب بلغ الثلاثين و يتمنى أن يستيقظ يوما ليجد بجانبه أنثى فى الثامنه و العشرين من عمرها !

   منذ ثلاثه سنوات حتى الأن أستمع إلى ياسمين حمدان فقط لا غير , وحدها هى من تستطيع أن تعبير عن ما بداخلى , أيضا الموسيقى التى تُعزف خلفها تأخذنى إلى عالم موازى أنا به أشعر بالراحه , لن أتحدث عن جمالها بصفه عامه و عن شفتيها بصفه خاصه , لأن هذه أشياء أنتهى فيها كُل الكلام و بقى التأمل فى صمت !

   عوده إلى عالمى البائس , لن أهرب فيه من وجع الاسنان الذى أصبح يرافقنى أكثر من ظلى و لن أهرب من دواء معدتى و أخيرا لن أهرب من اليوم الذى سوف أخسر فيه نهائيا شخص ما , وحدتى مازالت مستمره كما أن الثوره مستمره , فقط غيرت بعض المفاهيم تجاه بعض الاشياء لكى أستطيع أن أستمر فى هذه الحياه بدون أن أصاب بسكته قلبيه أو جلطه فى المخ أو أرتفاع فى ضغط الدم و لكن مازالت الوحده مستمره !

   مازلت لا أتحدث إلى أحد و مازال لا أحد يتحدث إلىِ , بعد خروجى من الصومعه أصابنى شعور أننى أصبحت متاح أكثر من اللازم , كموديل يرتدى ملابس معروض داخل فاترينه محل بشارع ممتلئ بالبشر , كُل واحد منهم ينظر إلى موضع قدمه لكى يرى الخطوه التاليه , لا مجال للنظر إلى ذلك البائس المعروض بالفاترينه , كثيرا أفكر فى سبب هذه الحاله و لكن لا أجد سبب مقنع , ربما هذه طبيعتى , ربما يوجد سر خفى وراء وجودى فى هذه الحاله , من يعانون من الوحده لا يتحدثون أو يجهرون بمشاعرهم الحقيقيه أمام الناس , خوفا من رد فعلهم !

   فقط يتحدثون إلى الورق كلما ضاق بهم الحال , لماذا أهتم إلى رأى الناس ؟! , هل هذه حياتى أم حياه الناس ؟! , هل أنا من أعانى أم الناس ؟! , هل أنا من يكتب هذا الكلام أم الناس ؟! , هل أبدو كشخص يهتم برأى الناس فى شئ ؟!

   منذ يومين كُنت أجلس مع صديقتى , نشرب الليمون و النسكافيه و نتحدث عن أمور حدثت منذ زمن طويل و نتحدث عن أننا منذ أربعه سنوات كُنا سعداء , أما الأن فنحن أشخاص مختلفون كليا , لا نعرف شخصيتنا القديمه ولا طباعنا ولا حتى نعرف نعيد ضحكه بصوت عالى من ضحكات تلك السنوات المنسيه , خلال فتره الانتقال تغيرت بداخلنا أشياء كثيره , يوجد منا من وجد طريقه و أرتاح فيه و قابل شخص سيذهب معه إلى إى مكان !

   و يوجد البعض الاخر الذى مازال ينتظر أى طريق سيسلك و مع من ؟! , هل سوف أذهب وحدى كعادتى أم سيوجد من يأتى معى ؟! , التجربه أثبتت أننى بارع فى خساره من يقتربون منىِ , حاليا أعمل على تغير ذلك الشئ بداخلى , فأنا بطريقه أو بأخرى أريد شخص بجانبى , فقط نستمع إلى بعض , لا أنتظر منه شئ ولا ينتطر منىِ شئ !

   لن أهرب من الاشياء التى تنتظرنى , لن أهرب من دخول شخص جديد إلى حياتى و لن أهرب من خروج أخر و لن أهرب من عوده من رحل منذ سنوات و لن أهرب من مواجهته !

   البعض يعتقد أن من يختفى و ينزوى بركن بعيد وحده , هو أنسان ضعيف و قليل الحيله , لجئ إلى الابتعاد خوفا من مواجهه الناس و الحياه ...

         هؤلاء أقول لهم ...

                                    النمره غلط يا عماد ...

الأحد، 1 سبتمبر 2013

سجائر و قهوه و أشياء أخرى !



   المكان : قهوه الوطنيه الكبرى بالمنشيه - الأسكندريه
   الزمان : الساعه الثالثه و نصف بعد الظهر

   فرصه أنك تجد مكان تركن فيه سيارتك فى تلك المنطقه و تحديدا فى ذلك الوقت تكاد تكون منعدمه و لكن لحسن حظى و الذى لا يخدمنى كثيرا وجدت مكان خالى من السيارات و الأشخاص و خالى من حرقه الأعصاب و التوتر الذى يصيبك عندما تركن سيارتك على صوت " السايس " قائلا عبارته الشهيره " تعالى , تعالى , تعالى .. هوووب " , ركنت السياره بصعوبه لضيق المكان , لا أعلم كيف سأخرج بها من ذلك المكان مره أخرى , لا يهم , ترجلت من السياره و أبصرت ممر قهوه الوطنيه الشهير الذى يجلس عليه جميع المثقفين و أصحاب الرأى و الفكر المختلف و الثوار و طوائف أخرى .

   جميعهم من فئه الشباب , ذكور و إناث , الذكور أغلبهم أصحاب شعر طويل , مصفف على هيئه " ديل حصان " , تصفيفه الفتيات المشهوره و الأخرين يتركون شعرهم للهواء يصففه بطريقته الخاصه , يجب إن أذكر إن الجميع مطلق العنان للحيته بمستويات مختلفه , يوجد الخفيف و يوجد المتوسط و يوجد الكثيف و لكن لم اجد من بينهم دراويش لحاهم تصل إلى صدورهم , ترك اللحيه عندهم ليس فرض أو سنه أو تقرُبا إلى الله , الأمر لا يتعدى النظافه و الحريه الشخصيه , شركات أمواس حلاقه الذقن بدأت تعلن عن أفلاسها بسبب هؤلاء .

   الإناث , جميع الأشكال و الأنواع و الشخصيات المختلفه , من المحجبه إلى صاحبه الشعر المجنون , جميعهن يرتدى الجينز , معظمهن يدخن السجائر و الشيشه بشراهه , كلهن يجلس مع ذكور مختلفه الأشكال و الأنواع و اللحى المختلفه , تبدأ الفتاه فى البحث عن الحريه من ذلك المكان , أول سيجاره تُشرب و أو نفس شيشه يخرج , مناخ من المساواه هناك يسمح لها بلعب " الطاوله و الدمنو و الشطرنج " , يسمح لها بالتدخين و محادثه ذكور الممر , سواء كان حبيب أو صاحب أو صديق و الفرق بين الثلاثه كبير , يسمح لها بالضحك بصوت عالى و إن وصل الأمر إلى ضرب أحد الذكور فى أعضائه التناسليه لكى تكتمل المساواه التى بين الرجل و المرأه .

  داخل الممر يوجد " عم عادل " أشهر رجل بداخل قهوه الوطنيه , هو من يقوم بتنزيل طلبات الزبائن و يوصى على أحجار المعسل و الشيشه الفاخره و فى النهايه هو أيضا من يقوم بقطع التذاكر , أى لم الحساب , رجل طويل , صاحب كرش و لحيه كثيفه , الشعر الأبيض يغزو رأسه بدون أستيحاء , يرتدى قميص و بنطال و شراب على شبشب أسود شيك و فى وسطه يعلق محفظه كبيره بسوسته , يضع بها النقود و زهر الطاوله .

   الممر كان ممتلئ عن أخرة و بداخل القهوه لا يوجد مكان للجلوس , بصعوبه وجدت طاوله فارغه و كرسى , جلست عليه و وضعت نظارتى الشمسيه و علبه السجائر و المفاتيح على الطاوله بجانبى , أتى " عم عادل " بأبتسامته التى لا تظهر و طلبت منه قهوه سكر زياده , أثناء أعداد القهوه بدأت أمارس هواياتى المفضله , مراقبه الناس , كُل الطاولات يوجد عليها شباب من الجنسين , البعض يتحدث , الاخر يلعب و هكذا , كل طاوله فوقها سحابه بيضاء من الدخان لا تذهب حتى طاولتى عليها سحابه صغيره من دخان سجائرى .

   أتت القهوه و تهلل قلبى و صفق مزاجى , حان الأن وقت تعديل الطاسه , يجلس أمامى شاب و فتاه فى ال 25 من عمرهم , الشاب أبيض ممتلئ و شعره مائل إلى البنى , يُدخن السجائر الكيلوبترا سيجاره وراء الثانيه , يسحبها بفمه من العلبه , الفتاه محجبه , متوسطه الطول , قمحاويه البشره و ترتدى نظاره طبيه سوداء مستطيله , أيضا تدخن السجائر , معهم شاب ثالث من أصحاب الشعر الطويل المصفف " ديل حصان " , لفتره كانوا يلعبون " الكوتشينه " اما الأن فهدأ الحديث بين الثلاثه !

   أخرجت الفتاه " الايباد " الخاص بها و بدأت تنشغل به , كأنها تفعل ذلك قتلا للوقت و الملل , الشاب الأبيض الممتلئ بدأ فى مداعبه اطراف أصابعها و من الحين إلى الأخر يمسك يديها و لكن كان وجه ممتلئ بالحزن كجسده , عينه تلمع بالدموع المحبوسه كأنه يستعد لأخذ نفس القرار الذى سبقته فىِ .. الفراق !

   تأكدت من ذلك عندما وجده مستمر فى مسك يديها و هى لا تتحرك ساكنه , مازالت كما هى منشغله فى " الايباد " , لم تحاول حتى أن تبادله نفس المداعبه بأصابعها , يوجد بيديها " بلاستر " ابيض , ربما كانت تعلق محلول فى يديها فى وقت من الأوقات , أستمر الفتى فى أمساك يديها و كأنه يمسك سبحه مفككه يودع كل ذكرى مع كل حبايه تقع !

   لم تمهله الفتاه صاحبه النظاره المستطيله السوداء أن يسقطت جميع ذكرياته معها , قامت و قبلته و رحلت و فى يديها سجارتها مازالت مشتعله , كأنها كانت تريد أن يظل محتفظ ببعض الذكريات التى سوف تتعبه فى المستقبل و تأكل من جسده الممتلى , ظل ينظر إليها خلال عبورها الممر وسط الطاولات و دخان السجائر حتى أختفت ساحبه معها روحه , أعتدل فى جلسته و ظل ينظر إلى الأرض كثيرا و بدأ يمسح بيده دموعه من عينه و يهز رأسه موافقا على ما حدث !

   لا أعلم كم مر من الوقت و أنا أشاهد موت هذا الشاب أمامى , كنت أريد أن ألحقه بأى طريقه حتى لا يلقى ما سوف يلقى بعد دقيقه من الأن , أنطفأت سجارتى على قميصى و برددت القهوه و أصابنى شعور لم أشعر به منذ سنوات .. شعور الفراق !