مستلقى على جانبى الايمن بداخل غرفتى المتواضعه , سرير أتساع فرد واحد بجانب الحائط و طاوله بجانب رأسى موضوع عليها جهاز تسجيل كبير نوعا ما أستمع لمحطاته الاذاعيه المختلفه طوال الليل و فوقه نافذه تطل على الشارع و بالجهه الاخرى من الحائط دولاب ملابسى الصامت و فى وسط الغرفه سجاده متوسطه الحجم و شبشب دائما على خلاف مع فرده الاخرى !
أصبحت كُل يوم أستيقظ من نومى قهرا و ليس كباقى البشر , هذا بخلاف الذهاب إلى الحمام أكثر من مره ليلا , اللعنه على الشتاء و على تلبيه نداء الطبيعه , اللعنه على الوحده و ما تفعله فى مرتديها , اليوم أستيقظت على صوت موسيقاها المنبعثه من شقتها المجاوره لى , أنها الثامنه صباحا موعد نسكافيه الصباح الخاص بها , الثامنه صباحا موعد أستعباطى لرؤيتها أثناء فتح نافذتى كمراهق يجلس تحت منزل معشوقته التى لا تعلم من هو و لكنه يحب الجلوس حتى يراها فقط متأملا جمالها و لكنها لم تكن واقفه كعادتها و لكن الموسيقى كانت تعمل و بصوت ملحوظ , دب القلق بداخلى ولا أعرف كيف خرجت مرتدى قميص مغلق نصف أزراره و بوكسر فوق الركبه لا يثير الرغبه و عينان لم تتأقلم بعد على ضوء النهار , أقتربت من باب شقتها و تركت باب شقتى مواربا تحسبا لهروب سريع قد أحتاج إليه , ألصقت أذنى بين الباب و القائم فى محاوله لسماع أى شئ , فقط صوت الموسيقى بوضوح ولا شئ أخر , أين هى الان ؟! , دائما كُنت أجدها فى معادها واقفه بشرفتها تحتسى مزاجها و تنفخ أنفاسها من صدرها الذى عُلق عليه يافطه ممنوع الاقتراب أو التصوير , هل أصابها مكروه ام تمضى بعض الوقت بداخل الحمام ؟! , الوحده تجعلك تركز فى تفاصيل أى شخص أشائت الظروف أن يكون بجانبك و هى ليست أى شخص أنها شئ يبعث بداخلك الامل و كفى !
ما الذى أفعله ؟! , و لماذا كُل هذا الاهتمام بشخص لا أعرف عنه أى شئ ؟! , دب الحزن بداخلى دفعه واحده , أبتعدت عن باب شقتها منسحب إلى شقتى بعد ما سمعت صوت الاسانسير يُرفع للدور الذى أسكن به , أغلقت الباب خلفى بهدوء و نظرت من العين السحريه فوجدتها تقف أمام شقتى لثوان شعرت بأنفاسها و كأنها سوف تطرق الباب , كتمت أنفاسى و ساد صمت عميق حتى رفعت خُصله شعرها الحمراء خلف أذنها و لوت شفتيها علامه على تراجعها فى قرار أقتحام حياتى بشكل رسمى , أختفت من أمام العين السحريه و سمعت صوت باب شقتها يغلق على أصبعى , أبتعدت قليل للوراء و كسر الصمت صوت دقات قلبى المسرعه و العرق الذى تكون على جبهتى !
على كنبتى المفضله ألقيت نفسى و ظللت أفكر , لن أذهب للعمل اليوم , فاليذهب مديرى إلى الجحيم هو و أوراقه و تسلطه و دخان سيجاره المزعج و مديره مكتبه الساقطه , بعد أجراء عده أتصالات لعمل لى أجازه هذا اليوم , قمت أترنح إلى النافذه لكى أشرب سيجاره هى الاولى منذ الصباح , مازالت غياهب النوم تسيطر على فأنا من النوع الذى يحتاج يوما كاملا لكى يفوق , خلال مسحى للشارع الذى أسكن به وجدتها تقف أمام سيارتها المركونه خلف سيارتى و ترتدى ملابس رسميه " بدله نسائى " و إيشارب برتقالى ملفوف حول رقبتها , ربما تعمل فى أحد البنوك المعرفه أو فى شركه من شركات الاتصالات الثلاثه , ألقيت سيجارتى من النافذه و قبل أن أهم فى أرتداء ملابسى لمراقبتها توقفت لثوانى , هل أبدو كأهبل يمثل فى فيلم تجارى أنتاج الثمنينات ؟! , كانت الاجابه نعم , فهى بالتأكيد تعرف سيارتى و سوف تلاحظ تتبعى لها !
قتلت الوقت تحت أرجلى بين مشاهده التلفزيون و اعداد بعض الطعام و اللف داخل الشقه كنحله تعمل بأجتهاد , أبلغت مجموعه ال " يا " أننى لن أستطيع القدوم ليلا لمجالستهم تظبيط الطاسه , تقبلوا أعتذارى مع تحديد موعد جديد لتعويض التظبيط الفائت فأنت لن تكون مسرورا و أنت غير معتدل المزاج , كان هذا " يا " منهم يحدثنى فى الهاتف و هو أكثر شخص تأخذ منه الحكمه عملا بمقوله ( خُذوا الحكمه من أفواه ال يا ) !
باقى شهران على الاحتفال بمرور سنه على بقائى فى القاهره , خلال تلك الفتره أنسحبت الاسكندريه من حياتى كأنسحاب المخدرات من الدم , لم أعد أتذكرها كما كان يحدث منذ وصولى , لم أزرها يوما و لم أُلبى دعوه من دعوات أصدقاء حبيبتى السابقه , الألم الذى تسببت فى الاسكندريه لى كان كفيلا بهجرها إلى أخر العمر !
خلال مشاهدتى لأحد الافلام الوثائقيه , أستوقفنى كيف غرقت سفينه كسفينه " تيتانك " بكل هذا الحجم و روعه التصميم , كيف أستحمل ركابها غرقها و أستقرارها فى قاع المحيط , اكثر من ألف راكب لقى حدفهم غرقا , قطع بحثى فى الامر جرس الباب يعلن عن شخص بقف خلفه , لا يعرف احد عنوانى , ربما يكون البواب يحمل لى عملا و يلقيه علىِ من خلال طريقه كلامه الغير مفهومه , تركت " التيتانك " تغرق بسلام و قمت لفتح الباب حتى وجدتها تقف و عيناها تمسحنى من أسفل إلى أعلى .. توقف قلبى لثوان ثم بعد طرقه عده مرات عاد يعمل مره أخرى . لحظه تمنيتها منذ رؤيتها لاول مره بشرفتها و لكنى لم أعثر على لسانى للنطق بأى شئ .. فقط وافقت على دعوتها للعشاء ليلا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق