من سيتحدث عنها سوف يدفع غرامه عشره ألاف جنيه و حبس خمسه عشر عاما و تكسير صف أسانه السفلى و أصابته بالعديد من الكدمات فى جميع أنحاء جسده , لا تحاول أن تتكلم عنها أمامه فقد يخرم الاوزون مره أخرى بسببها , بمجرد نطق أسمها يقوم مسرعا ليفرغ ما بداخل معدته خلف سياره مركونه صف ثان منذ سنوات عانق عجلها الارض و سبح فيها و نمت من حولها الاعشاب الصغيره , هذا ما كان يعرفه مجموعه ال " يا " الذين تعرفت عليهم من خلال جلوسى المستمر على قهوه وسط البلد , سريعا أمتلكت قلوبهم و أصبحت صديقهم المقرب و المفضل و لكن لم يدخل أحدا منهم قلبى أو حياتى , ظل بينى و بينهم مسافه شهر من الزمن رغم أننى لو أمسكت مشرط و فتحت قلب أحدهم سوف أجدنى أدخن الشيشه بالداخل و لكن دائما و أبدا المشكله بى , أنا من لا يعرف أن يستريح للبشر سريعا , أنا من يبنى الحواجز و المسافات عمدا و بسبب و بدون سبب , أنا من يزال يتخذ الوحده و الموسيقى افضل صديق , أنا من أصبحت حياته كنتيجه معلقه على حائط يمتلئ بالشروخ يقطع منها كُل يوم ورقه مكتوب عليها حكمه و نصيحه لا أعمل بها , أنا من قرر و صدق على قراره بأنه لن يُدخل أحد حياته , أنا من ينظر إلى سيجارته كثيرا قبل أن يشعل النار بها , أحدثها و أطلب منها أن تغفر لى ما سوف أفعله بها , أنا من أنتقل إلى مكان جديد و أغلق خلفه باب لن يفتحه مره أخرى , حياتى أصبحت كتلفزيون الدوله سنه 1996 الفيلم العربى القديم على القناه الاولى الساعه الثانيه ظهرا و مسلسل السابعه مساءا على القناه الثانيه و نشره الاخبار فى تمام التاسعه و ينقطع الارسال بعد منتصف الليل !
قطع سردى لحالتى المتوقفه منذ زمن حامل الماشه و راعى الاحجار الكريمه هنا فى القهوه و وهو يضع ولعه جديده بدلا من التى احترق بصدرى , شكرته بعد أن تمنى لى أنفاسا سعيده , ظللت أراقب مجموعه ال " يا " بعين ثابته و عقل فى مكان اخر و قلب توقف عن النبض منذ زمن , دعانى أكثر من " يا " منهم لمشاركه اللعب و لكن كئابه الشتاء كانت تمكنت منىِ !
بالخارج كانت السماء تمطر , رؤيه القطرات على زجاج القهوه الخارجى ذكرنى بدموع الاسكندريه على زجاج سيارتى الامامى عندما تركتها , كيف حالها الان ؟! , هل مازالت تبكى ام جفت دموعها و نشفت طرقها و دب الجمال بها مره أخرى ؟! , هل أمواجها غاضبه تتلاطم على الشط أم بحرها مازال سعيدا بألوانه الزرقاء ؟! هل هناك أحد مازال يجلس على قهوتى المحببه إلى نفسى أم هجرها البعض ؟! هل شوارعها ممتله و مزدحمه كعادتها بقصص الحب و الغرام ؟! , هل تتذكرنى ؟!
أنت لست فى حاجه لأجابه لأنك تعرف الرد جيدا , كان ذلك صوت رجل عجوز يستعد للقيام و الرحيل بعد أن حاسب على الشاى و أنفاس المعسل الذى هتك عرض صدره و أخرج أعتراضه على هيئه كحه شرخت حلقه و أصمت لها أذنى , نظرت لخطواته المتهالكه و رده على سؤالى الاحمق , هل تحدث بصوت عالى أم كان يجلس بداخلى و يسمع نحيبى على ما فات , هذه الليله لن تمر بسلام كباقى الليالى التى مضت على جسدى حضور حتى ساعات الصباح الاولى , توقفت عن زرف أنفاس الخوخ و أخرجت محفظتى و حاسبت على القهوه و الاحجار و سنين من العمر مضت , ألقيت السلام على " يا " و " يا " و طلبت منهم توصل سلامى ل " يا " الذى يلبى نداء الطبيعه بالحمام !
لملمت نفسى و ركبت سيارتى منطلقا إلى شقتى , حييت البواب و لم أنتظر رده الملئ بالطلاسم الغير مفهومه , أمام باب شقتها المجاور لباب شقتى كُنت أقف , أسمع موسيقى لم أعرف لها يوما أسم و لكنها تبعث الهدوء و السلام بداخلى كما يفعل وجهها المتورد كُل يوم صباحا و هى تحتسى النسكافيه , لا أعرف من هى و لا مكان عملها , حتى لم نلتقى صدفه على السلم أو عند أخراج القمامه و لكنى أرها كُل يوم عندما أفتح نافذتى , وجودها كوجود شعاع من النور فى مكان مظلم , لا يكشف المكان و لكنه يبعث بداخلك الامل .. الامل هذا هو ما كُنت أحتاج إليه فى حياتى !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق