الجمعة، 15 نوفمبر 2013

( 1 ) الهروب الكبير ! - شتاء 2014 - جزء 1



 
   على موسيقى تشايكوفسكي فى مقطوعه " Valse Sentimentale " , أخذت أهم قرار فى حياتى البائسه .. الهروب , تغير المكان , أستبدال الاشخاص و الشوارع و الجدران . السير على ارض جديده , أستنشاق عوادم سيارات مختلفه , رؤيه سماء مختلفه و الاطمئنان على حال القمر فى غربته , عاده أندم على القرارات التى أتخذها بشكل متهور و سريع بجانب العامل النفسى الذى يُسهم بشكل رئيسى فى فشخى يوميا بلا رحمه , و لكن هذه المره مختلفه , فقد فاض الكيل بى و أمتلئ الشوال عن بكره أبيه - شوال طاقتى - التى أستنفذت كلها فى أشياء لا تخصنى ولا سوف تصبح لى يوما من الايام , الاسكندريه بشكل ما أصبحت حزينه و كئيبه , او ربما ظالمها بعض الشئ و يكون السبب فى أن حزنى و كائبتى بهتت على شارع ابى قير و الكورنيش و الترام و أسلاكه و مشاريعها البيضاء و التاكسى الاسمر فى برتقالى و احيانا اصفر و قهوتى المحببه إلى نفسى , سوف أفتقدها أكثر من اى شئ أخر و على رائى الفنان " محمد شرف " فى دور " نسيم " بفيلم " أسف على الازعاج " ل " أحمد حلمى " : القهوه دى بتحتوى البنى أدم !

   أنتهت مقطوعه تشايكوفسكى مع أنتهاء حزم أمتعتى , دقائق و كُنت داخل سيارتى أودع الاسكندريه و دموعها تنهمر على الزجاج الامامى , حزنك اليوم يا حيبتى لا يقارن بحزنى ولا بمدى عبوس وجهى لفراقك , سوف أفتقدك و أفتقد السير بشوارعك و الاستمتاع برؤيه البحر سعيدا بالوانه الزرقاء , سوف أفتقد قصص العشق و الغرام التى وقعت بها و نال الاصدقاء جزء كبير منها , فلا يوجد أحدا كبير على الحب يا صغيرتى , يكاد ينفجر القلب لفراقك و لكنى لم أعد أقوى على الاحتمال , فكل شئ جميل بكى بالنسبه لى أنتهى , مسببات الحياه أختفت و رحلت , كُل الاشياء أصبحت ذكرى , فجأه توقفت الحياه منذ فتره , أيقنت عدم حدوث أى شئ جديد , أيقنت أننى يجب أن أذهب من هنا , أنتى جميله , أنتى رقيقه و لكننى يجب أن أرحل .. وداعا يا عروس البحر الابيض المتوسط !

   ألقيت نظرتى الاخيره و أنا على بدايه الطريق الصحراوى حتى انطلقت بكل سرعتى و أبتلعنى الظلام متجها إلى قاهره المعز , طوال الطريق أستمع إلى أغنيه " أهو ده اللى صار " بصوت " محمد المغربى " , لا أعلم من هو و لكن لحن الاغنيه جذبنى بطريقه رهيبه , ما يمثلنى فى هذه الاغنيه هو أسمها " أهو ده اللى صار " , ليس لدى يد فى ما حدث لى مؤخرا أو ما حدث خلال سنوات مضت من العمر و لم تمضى من الذاكره , عندما تسألنى لماذا ؟! , لا أجيب فقط أرفع كتفى و تتدلى شفتى السفله بكل براءه .. فأنا حقا أجهل السبب !

   أمام المنزل كُنت أقف و مازال محرك السياره يعمل , أفكر بجديه فى العوده مره أخرى و لكن خلال تفكيرى سمعت صوت شئ يُكسر و رائحه دخان , هناك حريقه , نعم أنها أسلاك رأسى حرقت كلها من كثره التفكير و صوت الكسر هو صوت عدم رجوعى مره أخرى إلى حبيبتى , قُلت و قال ضميرى فى نفس الوقت : ابدأ حياتك من جديد مازال هناك فرصه , هززت رأسى موافقا على كلامى و كلامه و نزلت من السياره و أخذت كُل ما أتيت به من هناك و صعدت إلى الشقه التى سوف أقضى بها فتره لا تقل و لا تزيد عن , لم أضع توقيتا محددا لرجوعى , مازال عندك أمل يا أحمق تعود إليها , كان هذا صوت ضميرى , اللعين مستيقظ دائما !

   داخل غرفتى أرتميت كمصارع فى جولته الاخيره , منهكا جسديا و مفشوخ نفسيا و ملعون من ألهه الاسكندر , ذهبت فى النوم سريعا بملابسى التى أتيت بها , لم أفرغ الحقائب و لم أرتب أى شئ بالشقه , أندمجت مع الاتربه و خيوط العناكب و الهواء المكتوم و رقدت بسلام , حقا تطيب الحياه لم لا يبالى !

   صباح الخرا يا قاهره .. استيقطت من نومى و صدرى ممتلئ بالتراب من ليله أمس , مددت يدى داخل جيب البنطال الذى أرتدى و أخرجت الهاتف كالعاده لم يتصل احد , لم يشعر احد أننى تركت حبيبتى , رميت الهاتف و حاولت القيام و لكن شئ ما يمنعنى , خيوط العناكب تكفنى بشكل جيد ولا الفراعنه فى زمنهم , بعد العديد من المحاولات الدبلوماسيه , أستطعت أن أقوم من على السرير , نور الصباح يخترق الشبابيك و النوافذ مكون خيوط متتاليه على ارضيه الغرفه الخشب و بداخلها تتراقض الاتربه , ظللت أترنح حتى وصلت إلى الحمام , اخذت دش سريع و أستبدلت ملابسى و فتحت جميع نوافذ و شبابيك الشقه , حتى وجدتها تقف بنافذه الشقه التى بجانبى تحتسى نسكافيه الصباح و تنظر إلى الغريب الذى أعاد فتح شقته مره اخرى .. هل أبتسمت أم خيوط العناكب مزالت على عينى ؟!

هناك 6 تعليقات:

  1. رووووووووووووووووووووعة يافان :)

    ردحذف
  2. حلووووووووووووووه اووووووووووى على قد ماهى تعبرتها حزينه وكلها يأس

    ردحذف
  3. ميرسى يا دودو , مبسوط انها عجبتك , الحزن امر واقع فى الحياه :)

    ردحذف