الأربعاء، 23 يناير 2013

المنزل الاخير !


الهدوء يسود المكان , حطام فى كل اتجاه , بقايا زجاج متناثره على جانبى الطريق و عمود اناره وحيد ينشر اشعته فوقى .. هكذا كانت حالتى مستلقى على جانب الطريق و اشعر بضيق شديد من وجودى فى هذا الجسد المتهالك 

لم اكن اقوى على الحراك او فعل اى شئ و فجأه شعرت بحاله من الهدوء و السكينه لم اشعر بها من قبل , نعم اشعر بذلك جيدا .. فكانت روحى تسحب من جسدى فى هدوء و انا ملقى على جانب الطريق و بقايا حطام السياره فى كل مكان و مازال عمود الاناره يبعث اشعته فوق جسدى الهامد

ارتفعت حتى اختفى كل شئ و بعد فتره وجدت نفسى داخل مكان اشبه بقاعه كبيره لا يوجد بها سوى مقعد وحيد و معلق على حوائط هذه القاعه شاشات متلاصقه لا تبث اى شئ

و للحظه ادركت اننى داخل " مكان الانتظار " لم اهتم بأستيعاب ذلك المكان بقدر ما كنت افكر فى رد فعل ابى و امى على خبر موتى .. و اثناء انشغالى فى التفكير بدأت الشاشات تعمل

اقتربت منها و شاهدت اناس كثيره ترتدى ملابس سوداء و اصوات الصراخ تأتى من كل مكان , هذا ابى و هذه امى و هولاء اقاربى و اصدقائى .. ارى نفسى داخل الصندوق الخشبى و الجميع من حولى فى طريقهم الى ما يعرف " بامنزل الاخير " .. اراهم جميعا و اشعر بما داخلهم

بما اننى داخل ذلك المكان فاربما امامى بعض الوقت حتى ارى كيف حالهم بعد رحيلى , هذه سيارتى كما هى منذ الحادث و اثار الدماء عليها امام المنزل .. و هذه امى دائما صامته تنظر كثيرا الى صورتى و الدموع لا تفارق عينها

هذا ابى يجاهد حتى يتقبل صدمه موت ابنه الوحيد بعد كل ذلك العمر .. فهما حقا يحبانى , اما اقاربى فكان الحزن داخلهم كبير ربما كنت اعنى لهم الكثير و هذه صورتى داخل منزل كل منهم

اريد ان اذهب لارى حبيبتى كيف استقبلت خبر وفاتى .. لا شئ على الاطلاق , نعم كان يجب ان اتذكر ذلك فهى لم تجيب على طلب ارتباطى بها فكان حظى طوال حياتى التى انتهت ان اعشقها هى فقط و ليس احد سواها .. ربما كان قلبها يشعر ان ذلك الفتى سوف يرحل بلا رجعه

اما الاصدقاء فكان الامر صعب تقبله بالنسبه لى .. لان من كنت اسعى جاهدا حتى اصبح واحدا منهم لم بتأثروا بوفاتى و اكتفوا بصلاه الجناز و " سوف نشتاق اليك و لن ننساك " على صفحتى الخاصه .. اما من كانوا بجانبى و لم اشعر بهم فكانت مصيبتهم افظع لسماع ذلك الخبر المشأوم

اشعر ان الجميع يفتقدنى و انا افتقد الجميع , حياتى سارت فى هدوء و ايضا رحلت بعيدا و فى هدوء .. اسعى الان حتى اتقبل هذا المكان الذى اقيم به , هل سأقابل احد ؟! .. ام سأظل وحيدا هنا ايضا ! هل سأقابل ارواح اخرى تتحدث معى و اتحدث معها ؟! .. فأنا لا اريد ان ابقى وحيد لا اريد ان ابقى وحيدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق