عندما
تشعر بالملل اذهب إلي زاوية غرفتك و تظاهر بأنك (دولاب) و بما انني اصبحت اكره
الجلوس بغرفتي كُل يوم بعد العمل و بعد رساله قصيره من صديقتي القديمه لرؤيتها و
احتساء مشروب دافئ معاً ، قررت ان اتخلي عن التظاهر بكوني (دولاب) اليوم و أرتديت
ملابسي و انطلقت إليها .
خلال الطريق إلي المكان المحدد لم اكن اجد سبباً مقنعاً لرغبتها في رؤيتي ، لم يكن اللقاء الاخير جيداً ، طوال جلوسي معها لم اعلق علي اي شئ مما قالته لي ، كُنت مثل الكرسي الذي اجلس عليه ربما افضل منه بقليل ، كان ذلك منذ سبعه اعوام و ها نحن الان نلتقي مجدداً .
رائع يبدو ان المكان ممتلئ عن اخره ، اعشق ان اجلس بمكان مزدحم رغم انني من عشاق الوحدة ، اخرجت هاتفي من جيب البنطال و استدعيت رقمها طالباً منه ان يقول لي اين هي وسط كُل هذا الكم من البشر ، اين هي يا قطعه الحديد الباليه عديمه النفع ؟ ، اللعنه علي التكنولوجيا و قبل ان يقر و يعترف رفعت يديها ملوحه لي ، انا هنا .. انا هنا ، انتي هناك و انا هنا ، حسناً شققت طريقي بين الطاولات و كراسي الجالسين حتي اقتربت منها و علي وجهي ابتسامه صفراء لم استطيع اخفائها .
قبل ان اجلس و قبل ان افتح فمي عاجلتني بقبله علي وجهي و عناق قصير هذا ما يقولون عنه (السلام اللبناني) شئ يبعث بداخلك الراحه و الهدوء فأدم مازال يبحث عن ضلعه المفقود داخل حواء حتي هذا اليوم ، اثناء جلوسي اختفت الضحكه الصفراء و تملكني الخجل لثواني قليله تعرقت لها جبيني ، لست خاماً و لست محترماً و دائماً مطلق العنان لفمي ينطق بأبشع الكلمات إذا لزم الامر لذلك و لكنني لم اعد افضل الاقتراب من ذلك الجنس ، حياتي لا يوجد بها نساء ، جميع رغباتي انتهت ، اصبحت زاهداً في الحياه ، حياه قاسيه لرجل في الثلاثين مازال شاباً و لكني لست كذلك .
- كيف حالك
صديقي ؟
- بخير ،
ما تبقي منيِ .
- انت كما
انت ، لم تتغير ، لحيتك ، شعرك الاسود و خصلتك المتدليه منه ، القميص و البنطال و
نوع سجائرك المفضل .
- اكره
التغير .
- ااااه ،
سبعه اعوام ، هل تتذكر ؟
- اجل ،
اخر لقاء لنا كان منذ سبعه اعوام .
- كان لقاء
رائع ، اكثر من رائع .
- ههههههههههه
، اجل لقد اديت دور الكرسي بطريقه محترفه .
- ههههههههههههه
، هذا ما اجده رائعاً بك ، اعترافك بالحقيقه .
- ليس في
كل الاوقات يجب قول الحقيقه .
- صحيح
.
- ها ، ما
سبب ذلك اللقاء المفاجئ ؟
- اولا
ماذا تريد ؟ قهوه ام شئ اخر ؟
- لقد
توقفت عن شرب القهوه منذ فتره ، من فضلك اريد ليمون .
- اجعلهم
اثنين من فضلك ، شكراً .
- نعود مره
اخري للسؤال ، لماذا ؟
- لم
استطيع ان اجعل الامر يمر هكذا ، هل تتذكر قبل ان نجلس في ذلك المكان منذ سبع
سنوات اين كنا ؟
- داخل
شقتي .
- هل تتذكر
ما حدث ؟
- انتي
تعرفين ماذا حدث ، لما كل هذه الاسئله ؟
- انا اعلم
ان ذاكرتك سمكيه تنسي الكثير من الامور .
- نعم
اتذكر ، طوال السبعه سنوات لم يفارقني مشهد حبورك بعد اكتمال النشوه و كيف تقفزين
علي السرير في سرور و بهجه و انتي تحاولين ان تساوي شعرك بيدك ثم تلتصقين بي كهزه
صغيره تبحث عن الدفء و الامان ، عندها كنت افرح كثيراً ، لاني استطعت ان امنح
معشوقتي ما يليق بها من مسرات الجسد ، كما وهبتني هي سعاده لا مثيل لها و اختفت
سبعه سنوات و تجلس امامي الان لتذكرني بما لم استطيع يوماً ان افقده من ذاكرتي ،
لماذا اتيت اليوم لرؤيتك ؟ ، لماذا استجبت لتلك الرساله المقتضبه منك ؟ ، لماذا لم
اكن (دولاب) هذا اليوم ايضاً كما كنت في الايام السابقه ؟
- لقد كنت
خائفه ، اجتهدت كثيراً حتي امهد لك ما سوف افعله ، تلك الجلسه ، ذلك المكان ، صمتك
و عدم تعليقك علي حديثي منذ سبع سنوات اخذت القرار و نفذته و لكن الان
...
- لا يوجد
الان ، اصبح لا اصلح للعلاقات العاطفيه و فأنا مختل عقليا و اتعاطي المخدرات و
بداخلي جني ايضا .
- ماذا ؟ ،
انا فقط اريدك في حياتي ، مره اخري .
- يبدو ان
عقلك في مؤخرتك الرائعه من كثره الجلوس عليه لم يعد يعمل .
- ماذا
تقول ؟!
- انتي
فتره من الحياه و انتهت ، سوف اعود إلي سابق عهدي ، لا احب احد و لا انتظر احد ولا
اتعلق بالناس او الاماكن .. او الاشياء كثيراً
- لا
ترعبني الكلمات التي قولتها ، الذي يرعبني الكلمات التي لم تقولها بعد
!
- عزيزتي
اتقن جيداً كيف ابتعد و كيف يصبح حديثي بارداً و كيف تصبح كلماتي قاتله
.
- مازلت
اريدك .
- و انا لا
.
سمحت لها ان تذهب اولا حتي لا اتركها وحدها و ارحل ، اخذت نفساً
عميقاً و كأني انتهيت من تلك العلاقه الان و ليس منذ سبعه سنوات ، اخرجت سيجاره و
اشعلتها و زرفت انفاسها في هدوء ، هدوء ما قبل العاصفه ، انا بخير و لكني ادور في
حلقات مفرغه بنفس قصير ، ما زلت احتفظ بروتيني اليومي الممل و بعاداتي السيئه ،
بضعه سنوات اخري و لن اجد نفسي ، يجب ان يتوقف هذا كله ، نقطه
...
و من
البدايه !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق