فقط أسترح ولا تفكر فى شئ و سلم نفسك و رأسك إلى من أنت بين يده الان , هو يعرف ما يقوم به , ليست أول مره ولا الاخيره , جالسا على كرسى جلد كبير و يتساقط على و من حولى على الارض ضحايا الغزو الخارجى , عم (ربيع) الحلاق المفضل لدى على الاطلاق , ذلك العجوز دائما يملك لمسه سحريه فى قصاته , زياره واحده له تكفى أن ترجعك عشرون عاما إلى الوراء , بعد أحتلاله لرأسى و دقنى أكثر من نصف ساعه , قرر الانسحاب بعد أن رأى أن تلك الرأس أصبحت جاهزه للاحتفال , هكذا دائما يقول !
داخل شقتى و بالتحديد داخل الحمام , وقفت عاريا كما خرجت من بطن أمى , أنظر
إلى وجهى فى المراه و أدقق فى كل تفصيله به و إلى سنوات ضاعت من الذاكره , من
الطفوله حتى خمس سنوات ماضيه , كل تلك السنوات لا أعرف عنها شئ !
أشعر كأننى عجوز ملل عزرائل أنتظاره لكى يقبض روحه , أبتسامه حسره أم سخريه
أم تمرد على ذلك الوجه , الوحده تفعل أكثر
من ذلك , فقط أستعد لخوض التجربه !
تجربه العزله الأجباريه , الأبتعاد عن الجميع بما فيهم أنت , أترك أسمك ,
عنوانك و أحبائك , أترك نفسك و حياتك , شخصيتك و أنفعلاتك , صورك و حبيبتك , أرحل
عن ذلك المكان و بيع ذكرياتك لأول بائع روبابيكيا !
بين الماضى و المستقبل رحيل واجب التنفيذ , عندما تسجن بأرادتك و تُسلم
لعالم جديد رسم و خطط لك من قبل , فتاه تحبك و أنت لا , فتاه تهاجمك أثناء نومك و
فى احلامك , ألم و مرض بدأ يحتل جسدك و فى أقرب فرصه سوف يقضى عليك !
لماذا تأتى كل هذه الافكار خلال سقوط الشلال الساخن فوق رأسى ؟! , المياه
تعرف كيف تجد طريقها على جسدى , ترسم خرائط و تكتب اسماء , تحتضنى و تحتل مسامى و
على وجهى تصارحى , أنا معك , أنا من أجلك !
منتصف النهار , نافذه صغيره مغلقه فوقها ستاره تنفذ من خلال دوائرها أشعه
الشمس تكون خطوط متتاليه على حوائط يعلوها السيراميك الأخضر و المياه مازالت تنهمر
بغزاره فوق رأسى , لثوانى أنفصل مع من تأتينى , أسترجعها أم تدعونى إلى عالمها ,
لست فى حالتى الطبيعيه , هى معى الان , تشق طريقها وسط البخار الكثيف عاريه ,
أراها قادمه نحوى حتى أصبحت بجانبى و أصبح الشلال الذى ينهمر فوقى يغرقنا نحن
الأثنين , يسيل على جسدها و جسدى , يحتلها و يقتلنى , يقربنا , تنظر إلى بكل دلال
, لم أنسى يوما رسمه عيناها و شفتيها ترسم أروع لوحات الخيال !
تقترب و سخونه جسدى فاقت سخونه الماء , أصبحت بداخلها و مذاق تفاحها
يداعبنى , نظرتها الواثقه و عيناها نفق فى نهايته نور أمل , أخشى أن لا يكون كما
أتصور و يصبح نور قطار لا يعرف الوقوف , صوته يقول أنه قادم لا محال , مثبت لا
أستطيع الحراك , قيودها أقوى منى , أستطاعت أن تسيطر على , نظرتها الواثقه حبال
تقيد حريتى , لا مفر للهرب ولا طريقه أمامى للنجاه !
مازال صوته يقترب و يقترب , فى أقل من دقيقه سوف أصبح أشلاء , شهيد تكتب
عنه الصحف و المجلات , ربما أستطيع أن أبتعد عنها , أخرج من داخلها , من أحشائها ,
من روحى و داخل قلبى , عده أمتار و أصبح بقايا أنسان , الدخان يظهر و النور يكاد
يعمينى , الأن , الأن ...
صمت و بخار كثيف , سكوت حتى درجه الازعاج , لا
شئ , أنقطعت المياه و نجيت من الموت و منها , لم تعد بجانبى , فتحت النافذه و
رأيتها تخرج مع البخار الساخن , أرجوك لا تعودى !قبل الفجر ...
مضى أسبوع على أخر زياره منها , تلك الزياره التى كدت أن أفقد حياتى فيها
لولا أنقطاع المياه , طوال ذلك الاسبوع لم أذهب إلى العمل و لم أتصل بأحد و لم
أقدم على طلب أجازه , فقط أختفيت و بقيت فى المنزل , حتى (مى) لم تتصل و لم أحاول
السؤال عنها !
لست بخير , أنا أعرف نفسى , لست بخير , مازلت حتى الأن أشعر بجسدها و منحنياتها
و لون طلاء أظافرها , مشهدها و هى عاريه لا يفارقنى , دخلت إلى غرفتى و ألقيت جسدى
على الفراش , أحتاج إلى الراحه أكثر و أكثر , أحتاج إلى أن أذهب بعيدا , بعيدا عنى
, أحتاج إلى شخص أخر يشاركنى أحزانى و همومى و محاولات أغتيالى , أريد أن أنام و
أنفصل , تخرج روحى و تذهب إليها , تقتلها و تغتصبها ثم تحرقها !
ربما بعد ما حدث يتركنى ألم ظهرى و يرفق بحالى و ربما أيضا يقتنع السرطان
بعدم طرق بابى , كم أنا ضعيف و قليل الحيله , كم أعشق الوحده و السكون و أبارك
الصمت و محادثه الجنون !
بأمر الألهه توقف عن التفكير و توقف عن التبرير , بأمر الألهه أترك حالك
لها أسير , بأمر الألهه , لا , بأمرى أنا أفصل فيشه حياتى ولا مزيد من الحديث !
الباب الأن يفتح و أرى الطريق أمامى , رأسى تثقل و جسدى على الفراش يسيل ,
جزيره و الماء فى كل مكان , أشجار و نخل يصتف على الجانبين , يقفون فى أنتظار
الدخول إلى عينى , أراهم و أبارك منظرهم , هناك على الشاطئ غرفه زجاجيه و الستائر
تغطى جوانبها و أشعه الشمس تتسرب إلى داخلها , يوجد سرير أرتميت فوقه أشاهد السحاب
و أستمع إلى موسيقى الأورجازم !
ذهبت بنظرى إليها تمشى خارجا فى خطوات ثابته على الشاطئ و ترتدى قميص أبيض
يكشف عن أرجلها و خصل شعرها تتطاير مع الهواء , لن أستطيع أن أغفل أصابعها المنمقه
ولا رسمه أرجلها و عيناها العسليتين , لم أستطيع أن أمنع نفسى من مشاهداتها ,
الهواء يكشف عنها و عن مفاتنها , تنطق بشفتيها عن شخصيتها !
من هذه ؟! , كيف جاءت هنا ؟! , و لماذا الان ؟! , ليست (مى) و ليست من تريت
قتلى و بالتأكيد ليست (ايمان) , من هذه الحوريه , عندما تختصر جميع النساء فى
واحده و عندما تذهب رغبه كل رجال العالم إلى واحده , فمن إذا تكون ؟! , لا أستطيع
, فقط أسترخ !
الهاتف يرن , يزن و يأن , الألحاح متواصل ولا يكف عن الأزعاج , جاهدت جهاد
المؤمنين حتى عدلت وضعى و بدأت رحله البحث بيدى عن أين مصدر الصوت , أين أنت ؟! ,
الأنكار لن يفيدك , مبتكر فقط فى أزعاجى و بعد وقت ليس بطويل وجته و مازال يصر على
الرن !
ليست مصادفه إن كل هذه الضوضاء تسببها (ايمان) , قبل أن أضغط على زر الرد ,
نظرت إلى ساعه الهاتف و عرفت أنها تتصل لكى تسمعنى الأسطوانه المعتاده عن سبب
غيابى أسبوع كامل من دون سبب أو حتى طلب أجازه , سلمت الأمر و ضغط على زر الرد و
قلت ...
_ الو .
_ بقالك اسبوع غايب عن الشغل و محدش
يعرف عنك حاجه و تلفونك مقفول , ده انت حتى مقدمتش على اجازه , كنت فين ؟!
_ معلش كنت تعبان .
_ صوتك متغير ليه , انت تعبان اوى ,
تحب اجبلك دكتور ؟!
_ لا مش مستاهله , دول شويه ارهاق و
هيروحوا لحالهم .
_ الف سلامه عليك يا (يوسف) , متشغلش
بالك بالشغل , طيب اجيلك البيت و اجبلك معايا اى حاجه انت محتاجها ؟!
_ لا شكرا , انا مش عايز اتعبك ,
ميرسى لأهتمامك .
_ اهتمامى ! , (يوسف) مهما حصل بينا و
مهما و صلت العلاقه , انا هفضل اعزك .
_ اوك تمام .
_ سلام و خلى بالك على صحتك .
_ مع السلامه .
هل مازلت أحلم كعادتى أم هذه المكالمه حقيقيه
, (ايمان) رئيس تحرير الأذاعه بكل سيطرتها و رعب العاملين منها و حرب الاعصاب التى
بيننا , تتصل و تتحدث بكل لطف بل تقول إن أحتاجت إلى شئ فقط إبلغها , ربما تريد إن
نعيد معا بعض أيام الجنون !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق