الأحد، 1 سبتمبر 2013

سجائر و قهوه و أشياء أخرى !



   المكان : قهوه الوطنيه الكبرى بالمنشيه - الأسكندريه
   الزمان : الساعه الثالثه و نصف بعد الظهر

   فرصه أنك تجد مكان تركن فيه سيارتك فى تلك المنطقه و تحديدا فى ذلك الوقت تكاد تكون منعدمه و لكن لحسن حظى و الذى لا يخدمنى كثيرا وجدت مكان خالى من السيارات و الأشخاص و خالى من حرقه الأعصاب و التوتر الذى يصيبك عندما تركن سيارتك على صوت " السايس " قائلا عبارته الشهيره " تعالى , تعالى , تعالى .. هوووب " , ركنت السياره بصعوبه لضيق المكان , لا أعلم كيف سأخرج بها من ذلك المكان مره أخرى , لا يهم , ترجلت من السياره و أبصرت ممر قهوه الوطنيه الشهير الذى يجلس عليه جميع المثقفين و أصحاب الرأى و الفكر المختلف و الثوار و طوائف أخرى .

   جميعهم من فئه الشباب , ذكور و إناث , الذكور أغلبهم أصحاب شعر طويل , مصفف على هيئه " ديل حصان " , تصفيفه الفتيات المشهوره و الأخرين يتركون شعرهم للهواء يصففه بطريقته الخاصه , يجب إن أذكر إن الجميع مطلق العنان للحيته بمستويات مختلفه , يوجد الخفيف و يوجد المتوسط و يوجد الكثيف و لكن لم اجد من بينهم دراويش لحاهم تصل إلى صدورهم , ترك اللحيه عندهم ليس فرض أو سنه أو تقرُبا إلى الله , الأمر لا يتعدى النظافه و الحريه الشخصيه , شركات أمواس حلاقه الذقن بدأت تعلن عن أفلاسها بسبب هؤلاء .

   الإناث , جميع الأشكال و الأنواع و الشخصيات المختلفه , من المحجبه إلى صاحبه الشعر المجنون , جميعهن يرتدى الجينز , معظمهن يدخن السجائر و الشيشه بشراهه , كلهن يجلس مع ذكور مختلفه الأشكال و الأنواع و اللحى المختلفه , تبدأ الفتاه فى البحث عن الحريه من ذلك المكان , أول سيجاره تُشرب و أو نفس شيشه يخرج , مناخ من المساواه هناك يسمح لها بلعب " الطاوله و الدمنو و الشطرنج " , يسمح لها بالتدخين و محادثه ذكور الممر , سواء كان حبيب أو صاحب أو صديق و الفرق بين الثلاثه كبير , يسمح لها بالضحك بصوت عالى و إن وصل الأمر إلى ضرب أحد الذكور فى أعضائه التناسليه لكى تكتمل المساواه التى بين الرجل و المرأه .

  داخل الممر يوجد " عم عادل " أشهر رجل بداخل قهوه الوطنيه , هو من يقوم بتنزيل طلبات الزبائن و يوصى على أحجار المعسل و الشيشه الفاخره و فى النهايه هو أيضا من يقوم بقطع التذاكر , أى لم الحساب , رجل طويل , صاحب كرش و لحيه كثيفه , الشعر الأبيض يغزو رأسه بدون أستيحاء , يرتدى قميص و بنطال و شراب على شبشب أسود شيك و فى وسطه يعلق محفظه كبيره بسوسته , يضع بها النقود و زهر الطاوله .

   الممر كان ممتلئ عن أخرة و بداخل القهوه لا يوجد مكان للجلوس , بصعوبه وجدت طاوله فارغه و كرسى , جلست عليه و وضعت نظارتى الشمسيه و علبه السجائر و المفاتيح على الطاوله بجانبى , أتى " عم عادل " بأبتسامته التى لا تظهر و طلبت منه قهوه سكر زياده , أثناء أعداد القهوه بدأت أمارس هواياتى المفضله , مراقبه الناس , كُل الطاولات يوجد عليها شباب من الجنسين , البعض يتحدث , الاخر يلعب و هكذا , كل طاوله فوقها سحابه بيضاء من الدخان لا تذهب حتى طاولتى عليها سحابه صغيره من دخان سجائرى .

   أتت القهوه و تهلل قلبى و صفق مزاجى , حان الأن وقت تعديل الطاسه , يجلس أمامى شاب و فتاه فى ال 25 من عمرهم , الشاب أبيض ممتلئ و شعره مائل إلى البنى , يُدخن السجائر الكيلوبترا سيجاره وراء الثانيه , يسحبها بفمه من العلبه , الفتاه محجبه , متوسطه الطول , قمحاويه البشره و ترتدى نظاره طبيه سوداء مستطيله , أيضا تدخن السجائر , معهم شاب ثالث من أصحاب الشعر الطويل المصفف " ديل حصان " , لفتره كانوا يلعبون " الكوتشينه " اما الأن فهدأ الحديث بين الثلاثه !

   أخرجت الفتاه " الايباد " الخاص بها و بدأت تنشغل به , كأنها تفعل ذلك قتلا للوقت و الملل , الشاب الأبيض الممتلئ بدأ فى مداعبه اطراف أصابعها و من الحين إلى الأخر يمسك يديها و لكن كان وجه ممتلئ بالحزن كجسده , عينه تلمع بالدموع المحبوسه كأنه يستعد لأخذ نفس القرار الذى سبقته فىِ .. الفراق !

   تأكدت من ذلك عندما وجده مستمر فى مسك يديها و هى لا تتحرك ساكنه , مازالت كما هى منشغله فى " الايباد " , لم تحاول حتى أن تبادله نفس المداعبه بأصابعها , يوجد بيديها " بلاستر " ابيض , ربما كانت تعلق محلول فى يديها فى وقت من الأوقات , أستمر الفتى فى أمساك يديها و كأنه يمسك سبحه مفككه يودع كل ذكرى مع كل حبايه تقع !

   لم تمهله الفتاه صاحبه النظاره المستطيله السوداء أن يسقطت جميع ذكرياته معها , قامت و قبلته و رحلت و فى يديها سجارتها مازالت مشتعله , كأنها كانت تريد أن يظل محتفظ ببعض الذكريات التى سوف تتعبه فى المستقبل و تأكل من جسده الممتلى , ظل ينظر إليها خلال عبورها الممر وسط الطاولات و دخان السجائر حتى أختفت ساحبه معها روحه , أعتدل فى جلسته و ظل ينظر إلى الأرض كثيرا و بدأ يمسح بيده دموعه من عينه و يهز رأسه موافقا على ما حدث !

   لا أعلم كم مر من الوقت و أنا أشاهد موت هذا الشاب أمامى , كنت أريد أن ألحقه بأى طريقه حتى لا يلقى ما سوف يلقى بعد دقيقه من الأن , أنطفأت سجارتى على قميصى و برددت القهوه و أصابنى شعور لم أشعر به منذ سنوات .. شعور الفراق !

هناك 6 تعليقات:

  1. تسلم يا ريس , مبروك ع المدونه :)

    ردحذف
  2. على فكرة سعيدة أنك شلت البتاع إلي كان بيعذبني كل ما آجي أكتب كومنت ... كده أحسن كتيـــــــــــر
    هاقرفك كومنتات :D
    قال يعني كانت بتفرق معايا مانا كنت باكتب برضصه :D :D

    ردحذف
  3. انا كده وفرت عليكى معانا طويله و على فكره انا سعيد بالتدوينه دى بالذات :)

    ردحذف